الجمعة, نوفمبر 22
Banner

أي طوارئ والبلد في غرفة الإنعاش!

من سخرية القدر أن تثرثر الحكومة بما يُسمى «خطة الطوارئ»، لمواجهة إحتمالات العدوان الإسرائيلي، في الوقت الذي تفتقد فيه الدولة إلى أبسط الإمكانيات المالية واللوجستية المطلوبة لتنفيذ بعض بنود الخطة الموضوعة على الورق، والمرشحة أن تبقى حبراً على ورق!

لا ندري كيف تسمح الحكومة لنفسها بالحديث عن هذه الخطة منذ الأشهر الأولى لإندلاع الحرب في غزة، وبدء الإشتباكات والغارات اليومية في الجنوب، وهي عاجزة عن تأمين التيار الكهربائي، وتاركة البلد يغرق في العتمة، نتيجة عدم قدرة الخزينة الوفاء بإلتزاماتها المالية تجاه العراق، البلد الوحيد في العالم الذي وافق على تزويد لبنان بالفيول، رغم أنه غير مناسب للمواصفات الفنية لمعامل الكهرباء، ولكن «للضرورة أحكام»، لأن ليس ثمة مصدراً آخر مستعد لتزويد بلد مفلس وسلطة فاسدة، بهذه المادة الحيوية لإنتاج الطاقة.

وزير «العتمة» يغيب عن المشهد اليومي أشهراً طويلة، ولا نسمع صوته إلا عندما يُبشرنا بتوقف معامل الكهرباء عن الإنتاج، لأن الحكومة لم تسعفه بصرف السلفات المالية لشراء الفيول والغاز الطبيعي، وبحجة أن مصرف لبنان لا يلبي طلباته بالحصول على دفعات عشوائية، كما كان يحصل طوال سنوات العجز والنهب، لأن نائب الحاكم وسيم منصوري يرفض الصرف بدون تغطية قانونية من مجلس النواب، وفق الأصول والأنظمة المرعية الأجراء، ليتحمل الجميع مسؤولياته في تراكم العجز الكهربائي، والذي بلغ في العشرين السنة الأخيرة حوالي ٤٥ مليار دولار، ذهبت معظمها في صفقات مشبوهة، وسمسرات مريبة، وبقي «بلد الإشعاع والنور» يغرق في العتمة!

يتحدثون عن خطة طوارئ، والمستشفيات الخاصة أعلنت عدم قدرتها على المشاركة في أية حالة إستثنائية، والمستشفيات الحكومية تفتقد إلى التجهيزات والمعدات والمواد الضرورية بمواجهة ظروف أي حرب مفاجئة. وثمة نقص مزمن في الأدوية في مستودعات وزارة الصحة ومستشفياتها، فضلاً عن حالة الإنهاك التي تضرب أجهزة الدفاع المدني، عناصر وتجهيزات، بسبب إفتقاد الإمكانيات المالية الضرورية.

ثمة كلام عن مخزون المواد الغذائية لمدة ثلاثة أشهر، بعيداً عن رقابة وزارة الإقتصاد، فمن يضمن سيطرة السوق السوداء على لقمة العيش عند إنطلاق الشرارة الأولى للعدوان الإسرائيلي، حيث لا قدرة عملية على ضبط حركة السوق، وحيث من السهل على المافيات إيجاد التغطية السياسية اللازمة.

أي خطة طوارئ والبلد كله في غرفة الإنعاش: لا رئيس جمهورية، حكومة تصريف الأعمال منقسمة على نفسها، ومجلس النواب معطّل في مهمته التشريعية، والجيش والقوى الأمنية في معاناة وإستنزاف مريرين، والناس في حالة حبس أنفاس، بإنتظار ما سيحمله الغد من أخبار الزلازل أو الإعتداءات.

صلاح سلام – اللواء

Leave A Reply