الخميس, سبتمبر 19

لا وقف للنار ولا تسوية والضربة آتية؟

في الوقت الذي تتسارع فيه الجهود الديبلوماسية الدولية عموماً والأميركية على وجه الخصوص من أجل تلافي الضربات المتبادلة بين إيران و” حزب الله” وإسرائيل على خلفية اغتيال الأخيرة لكل من رئيس حركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران والقيادي العسكري في الحزب فؤاد شكر، ترتفع وتيرة القلق في الأوساط السياسية المحلية من الخشية من فشل الوساطات والمساعي الجارية لسحب فتيل التفجير قبل فوات الأوان، وهو ما تعكسه النتائج المسرّبة عن تلك المساعي، بحيث يبدو أن الأطراف المعنيّة مباشرة بالحرب قد انزلقت إلى خط اللاعودة، على ما تقول مصادر سياسية رفيعة، لا تخفي قلقها الكبير مما ينتظر المنطقة في المقبل من الأيام.

تعرب هذه المصادر التي آثرت عدم الكشف عن اسمها، رغبة منها في التزام الصمت والترقب في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة كما تصفها، عن تشاؤمها حيال ما آلت إليه موجات التصعيد المتبادل على جبهتي الجنوب وطهران، مستبعدة أن تنجح المساعي المبذولة عربياً وأميركياً في التوصّل إلى احتواء الموقف. وبناءً على ذلك، تستبعد الوصول إلى اتفاق على وقف للنار قبل يوم الخميس ، موعد إطلاق الجولة الجديدة من المفاوضات على وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى، كاشفة أن كل المؤشرات تشي بأن لا تسوية جدّية قريبة تنهي الحرب في غزة واستطراداً تمنع حصولها على لبنان.

تلتقي قراءة هذه المصادر مع قراءة لديبلوماسي يقيم خارج لبنان إذ يقول إن التسوية على البارد باتت مستبعدة ولا سيما أن لا طهران ولا الحزب قادران على ابتلاع الضربتين اللتين نزلتا بهما جراء نجاح تل أبيب في اغتيال كل من هنية في قلب طهران وشكر في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، الحصن المنيع للحزب.

ولذا، تبدو الساعات القليلة الفاصلة عن يوم الخميس مثقلة بمشاعر الخوف والقلق، وإن كانت هذه المشاعر سائدة منذ أعلنت طهران والحزب عزمهما على الرد، علماً بأن ثمة من ينظر بواقعية أكثر إلى مسألة التهديد بالرد، مستعيداً مواقف مماثلة صدرت عن الجهتين غداة عمليات اغتيال مشابهة من حيث الوزن والدلالة السياسية. أما ما يجعل الخوف هذه المرة أكبر فيعود إلى الاستدراج الذي تقوم به إسرائيل للجانبين للانزلاق إلى الرد، ما يعطيها الضوء الأخضر لتنفيذ تهديداتها بتوسيع الحرب على لبنان.

تخشى المصادر المشار إليها من ضيق هامش المناورة أمام فريقي الصراع، على نحو يجعل احتمالات الحرب أكبر من احتمالات التهدئة. وهي ترى أن لبنان سيكون أمام سيناريوين لا ثالث لهما، إما ضربة خاطفة مجهولة المكان والزمان والأهداف، وإما حرب استنزاف طويلة لا تختلف عن حال الاستنزاف السائدة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.

وتستمر وتيرة تسارع المساعي الديبلوماسية التي بلغت ذروتها أمس مع صدور البيان المشترك للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا الذي أعلن موافقة هذه الدول على المبادرة الثلاثية لكلّ من الرئيسين الأميركي جو بايدن والمصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم لاستئناف المفاوضات حول وقف النار وإطلاق الأسرى. وكان لافتاً في البيان أنه مع تأكيد دعم هذه المبادرة في ظل عدم وجود المزيد من الوقت لإضاعته وضرورة تحمل كل فريق مسؤولياته، برز الدعم الكامل لإسرائيل في أي خطوة دفاعية تقوم بها.

ما يؤكد أن العد العكسي للحرب قد بدأ، إن لم تؤخذ هذه التحذيرات الدولية في الاعتبار ، وأن الدول المعنية حسمت خيارها فريقاً لا حكماً أو متفرجاً، مع ما يرتّبه هذا الموقف من دعم يتجاوز البيانات. من هنا تكتسب زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين للمنطقة أهمية قصوى على طريق كسر حلقة الاستعدادات للحرب. وهو قد وصل أمس إلى تل أبيب لإجراء محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين في مسعى لتهدئة الأوضاع وتجنب توسع الحرب، على أن ينتقل منها إلى بيروت غداً لاستكمال المحادثات وعلى جدول لقاءاته حتى الآن رئيس المجلس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

في الموازاة، لا يخلو المشهد الداخلي من القلق وسط تسارع التطورات والتحديات التي تواجه الحكومة اللبنانية العاجزة عن اتخاذ أي إجراء من أجل مواجهة التداعيات المحتملة من أي موجة نزوح أو أضرار ناتجة عن توسّع الاعتداءات. وقد برز ذلك جليّاً في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي دُعي إليها رؤساء الأجهزة والمحافظون للبحث في سبل مواجهة المخاطر المرتقبة، من دون التوصّل إلى أي نتيجة عملية في ظل النقص الفادح في التمويل والتجهيز والعتاد!

 

سابين عويس – النهار

Leave A Reply