عندما يكون الكلامُ عن التربيةِ و التعليم في ظل اوضاعٍ امنية و عسكرية صعبة بل معقدة، أضف اليها المشكلات الاقتصاديةِ و الماليةِ معطوفةً على الاجتماعية و السياسية، يكون الطالب هو الضحية خصوصاً الطلاب النازحون من مناطق و بلدات الجنوب حيث القلق والخوف والدمار والموت حيث الحاجة الى السلام والاستقرار. فكما ان الدفاع عن اهلنا هو واجب لدعم صمودهم و تصديهم، فإن الدفاع عن الطلاب، و دعم حقهم بالتعليم الجيد ضمن بيئة مدرسية أو جامعية سليمة هو أوجب الواجبات، حيث المعركة التربوية لا تقل شأنًا عن المعركة العسكريّة، فالاولى تبني جيلاً و الثانيةُ تبني وطناً. و لاننا على ابواب عام دراسيٍّ جديد يكتنفُه الكثير من الغموض و يلُفُّه الكثير من الضبابية، إنْ لجهة الاقساط في المدرسة الخاصة، او لجهة الاستعداد في المدرسة الرسمية. و في كلتا الحالتين، الطلاب و ذووهم هم الضحايا، و خصوصاً النازحون منهم، حيث أقفلت مدارسهم و دُمِّرت قراهم و حُرقت كتبهم و كُسِرت أقلامهم، فلا حول لهم و لا قوة إلا بالمبادرة و التي هي فعل إبداع و تميز، و مسؤولية تحمل في طياتها رؤيةً و حلولًا لمشكلات طارئة، فالمبادرون هم رواد و مشاعل و قناديل، يضيئون العتمات و يغيرون العثرات إلى نجاحات، و هل هناك مشكلة اكبر و اقسى من مشكلة طالبٍ فقدَ الامل بالعودةِ الى مدرسته و مهنيته و جامعته؟ فالمطلوب، اليوم قبل الغد، و من جميع المعنيين و المسؤولين عن المؤسسات التربوية، أن يبادروا لطرح افكارهم و رؤيتهم و مشاريعهم للمساهمة في عودة الطلاب الى وضعهم الطبيعي و انضمامهم الى زملائهم في المدارس و المعاهد و الجامعات ضمن بيئة صحية و سليمة. فالمؤسسات التربوية الكبيرة ذات الأفرع المتعددة و حتى الفردية، عليها ان تبادر لان المبادرة ريادة و ما التربية إلا ريادة و ما المتعلمون إلّا روادٌ. المسؤولية الملقاة على عاتقكم كبيرة لأنها مسؤولية بناء الإنسان و على سبيل المثال لا الحصر، على مؤسسات امل التربوية و مدارس المهدي و مدارس المصطفى و المبرات و مؤسسات الامام الصدر بالاضافة الى المعاهد والجامعات التي تملك فروعا على مستوى الوطن ان تبادر سريعاً لوضع خطة طوارئ لاستيعاب اكبر عدد ممكن من الطلاب النازحين و مجاناً اذا امكن و انتم تملكون الإمكانيات و القدرات و الاستعدادات، لان البناء يعاد إعماره و ترميمه، اما الانسان إنْ أصابه الخلل، فمن الصعوبة استعادةُ ما فقَدَه. نحن لا نحملكم المسؤولية، بل ندعوكم للوقوف أمام ضمائركم حتى تبادروا ، فالمبادرة ريادة، و المبادرون روّاد و مشاعل،وهولاء الطلاب اولادنا واولادكم اجيال الغد وبناة المستقبل وقناديل الامل ،بهم تستمر المسيرة ومعهم يصنع النصر على الذات وعلى الواقع.