الجمعة, سبتمبر 20

مخزون القمح والمواد الغذائية في مواجهة أزمة الحرب

كتبت “الجمهورية”: في ظل التحدّيات المتزايدة التي يواجهها لبنان بسبب التوترات الإقليمية، تبرز قضية تأمين مخزون الغذاء كأحد أهم الملفات التي تتطلّب اهتماماً عاجلاً من الحكومة. إذ تُشكّل هذه القضية مِحوَر النقاشات الاقتصادية في البلاد، خصوصاً مع مخاوف من توسّع الحرب في المنطقة وتأثيرها على قدرة لبنان على تأمين احتياجاته الغذائية الأساسية.

تشير تقديرات رسمية حديثة إلى أنّ مخزون القمح والمواد الغذائية في لبنان يكفي لـ 3 إلى 4 أشهر فقط، ممّا يثير القلق لدى العديد من الخبراء والاقتصاديِّين، بما أنّ لبنان يعتمد بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجاته الغذائية.

مع اقتراب وصول بواخر جديدة إلى مرفأ بيروت خلال الأسبوعَين المقبلَين، من المتوقع أن يغطّي المخزون احتياجات البلاد لمدة تتراوح بين 5 و6 أشهر. وعلى الرغم من ذلك، يبقى السؤال حول مدى كفاية هذه الكميات لتأمين الاستقرار الغذائي في حال تصاعدت الأزمات الأمنية في المنطقة.

ويجعل الاعتماد الكبير على الاستيراد لبنان عرضة للتقلّبات الخارجية، ما أكّده العديد من الاقتصاديِّين المحليِّين الذين حذّروا من تأثير أيّ تعطيل في سلاسل التوريد نتيجة النزاعات الإقليمية. في هذا السياق، تزداد المخاوف من فرض حصار، بفعل توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى حرب شاملة، على الموانئ اللبنانية، خصوصاً مرفأي بيروت وطرابلس، وكذلك مطار رفيق الحريري الدولي، ممّا قد يعرقل دخول المواد الغذائية والقمح إلى الأسواق المحلية.

أدارت وزارة الاقتصاد خطة طوارئ منذ أكثر من سنتَين ونصف للتعامل مع هذا الواقع الصعب، ونُفّذ برامج تعاون مع البنك الدولي لضمان استقرار الكميات المتاحة من القمح ومنع تهريبها لفترة أطول ممّا كان متوقعاً، إذ كان من المفترض أن ينتهي بعد سنة واحدة لكنّه استمرّ لسنتَين ونصف.

ويُعَدّ التمديد خطوة حاسمة في ظل غياب الأهراءات الكافية في البلاد وانعدام الأموال في المصرف المركزي، ما جعل السيطرة على الكميات المتاحة أمراً ضرورياً، كما أنّه كان عاملاً حاسماً في الحفاظ على استقرار نسبي في أسعار الخبز، على الرغم من التحديات المستمرة المتعلقة بارتفاع سعر صرف الدولار. ومع انتهاء برنامج البنك الدولي، تبرز مخاوف جديدة حول قدرة الحكومة على ضبط الأسعار وضمان استمرار الإمدادات من دون التأثير بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين.

وتتواصل الجهود لضمان استمرارية استيراد المواد الغذائية الأساسية. فوضعت وزارة الاقتصاد آليات متابعة دقيقة بالتعاون مع القطاع الخاص لضمان توافر الطلبيات الغذائية بشكل مستمر. وفقاً لنقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان، تكثّفت الجهود لتسريع إجراءات الاستيراد عبر مرفأ بيروت، بهدف تجنّب أي نقص محتمل في السوق. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة حول ما إذا كانت هذه الجهود كافية في حال تفاقمت الأزمة العسكرية في الجنوب.

في ضوء هذه التحدّيات، ظهرت دعوات من بعض الخبراء الاقتصاديِّين لإعلان حالة الطوارئ في البلاد، ممّا يتيح للحكومة اتخاذ قرارات استثنائية من دون الحاجة إلى موافقة مجلس النواب، فتتمكّن من التحرّك بشكل أسرع لضمان استمرارية تدفق المواد الغذائية والمحروقات والأدوية إلى الأسواق اللبنانية. لكن يحذّر البعض بأن إعلان حالة الطوارئ يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية شاملة للتعامل مع الأزمة، بما في ذلك تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي لتأمين الإمدادات الغذائية والبترولية والطبية.

من جهة أخرى، طمأن وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، “ألّا خوف من انقطاع الخبز”، كاشفاً أنّ “المستوردين سيستمرّون في استيراد الحبوب والقمح حتى بعد رفع الدعم بشكل طبيعي، إذ يصبح الاستيراد محرّراً ويمكنهم استيراد كميات كبيرة وربما أكثر من السابق لأنّهم سيتحرّرون من قيود البنك الدولي”، لافتاً إلى أنّ “الشيء الوحيد الذي نتخوّف منه هو أن يحصل حصار مقصود على لبنان عبر مرفأي بيروت وطرابلس ومطار رفيق الحريري الدولي وتحديداً المرافق البحرية التي يدخل عبرها القمح ومعظم المواد الغذائية”. كما أبدى الوزير استغرابه من عدم إعلان حالة الطوارئ على الرغم من الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان.

Leave A Reply