مارينا عندس – الديار
منذ عامٍ تقريبًا، استقرّ سعر صرف الدّولار على الـ89 ألف ل. ل.، لكنّ أسعار السّلع والخدمات الأساسية ما زالت ترتفع وبمعدّل 8.3% بالنسبة للفصل الأول من العام ٢٠٢٤، وذلك بحسب البيان الذي صدر عن جمعية المستهلك في لبنان.
ومع ارتفاع هذه الأسعار وجنونها، ما من قوانين واضحة بشأن ضبطها. فهل من خطوات لمراقبتها؟
بحسب رئيس حماية المستهلك زهير برّو: الأسعار لا تُراقب.
وفي حديثه للدّيار، يؤكّد ان الأسعار تُحدد بوجود منافسة، ووجود إنتاج محلّي. وفي حال كانت جميع السلع مستوردة من الخارج، فنحن نواجه حتمًا الاحتكارات المستوردة من جهة، واحتكارات أخرى مسيطرة على السّوق من جهة أخرى. وبالتالي، يستحيل ألّا تكون الأسعار مرتفعة.
ويعتبر بحسب البيان الصادر عن جمعية المستهلك في لبنان، أنّ الاستقرار المصطنع في سعر الصّرف لم يرافقه أي تغيير بنيوي في الاقتصاد المتهالك أو أي فائدة ملموسة للمستهلكين إذ تواصل أسعار السّلع والخدمات الرئيسية ارتفاعها.
وعن ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة في ذروة الموسم، يقول إنه “غير مفهوم وغير مبرّر”.
وعن ارتفاع أسعار الموادّ المنزلية والشخصية بنسبة 25.5%، فهو يشير إلى خلل مستمر لدى كبار التّجار المستوردين والمصنعين المحليين واستمرار سيطرة الاحتكارات على السوق.
وعن ارتفاع المواصلات لأكثر من 60% عن كلفتها قبل الانهيار المالي، هو دليل على جشع وفساد القطاع الخاص، الذي تديره سلطة زعماء الطوائف والذي يمنع عودة النقل العام إلى دوره الطبيعي.
وكل هذه المؤشرات، تدلّ على استمرار غياب الدّولة وفساد القوى السياسية الرئيسية.
ما الحلّ؟
يعتبر برّو أنّ الحلّ يكمن من خلال ضبط الاحتكارات وإلغاء المنافسة أولًا، زيادة الإنتاج المحلّي ثانيًا، وثالثّا تأمين الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، لافتًا إلى أنّ كل هذه الخطوات غير موجودة في لبنان، هذا ما يفسّر الحالة هذه.
تختلف قيمة السّلع من منطقة إلى أخرى، بحسب برّو، لأنّ هذا الأمر طبيعي جدًا. فسعر كيلو الموز في بيروت، مختلف تمامًا عن كيلو الموز في الدّامور مثلًا. لأسبابٍ لها علاقة بالنّقل وكل الإجراءات الأخرى. وبالتالي في بلدٍ يؤمن بالاقتصاد الحُر، حتمًا ستختلف الأسعار.
أسعار السّلع الغذائية
من الواضح أنّ أسعار السلع الغذائيّة لم تسلم من الارتفاع، على رغم أنّها معفيّة من الدولار الجمركي، وهو ما يتناقض مع المؤشرات العالميّة على مدى عام مضى “إذ تراجع مؤشّر أسعار الغذاء العالمي بنسبة 13.7% خلال عام 2023، وهو أدنى مستوى منذ ثلاث سنوات، وذلك بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو”. مع تسجيل انخفاض ملحوظ في أسعار الزيوت النباتيّة إلى 32,7% عام 2023، وانخفاض بنسبة 15,4% في أسعار الحبوب، مقابل ارتفاع في أسعار السكر والأرز فقط خلال الفترة نفسها.
أمّا عن الأرقام المحدّثة للأمن الغذائي، الصّادرة عن البنك الدولي، فتؤكّد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع الغذائيّة في لبنان، إذ سجّل لبنان في نسب التغيّر السنويّة لمؤشّر الغذاء، ثاني أعلى نسبة تضخّم إسميّة في أسعار الغذاء حول العالم، مسبوقًا من الأرجنتين 251 %، ومتبوعًا من فنزويلا 173 %، وتركيا 72 %، وذلك بين الفترة الممتدّة بين شهر كانون الأوّل 2022 وكانون الأول 2023. وقد بلغت نسبة التغيّر السنويّة في مؤشّر تضخّم أسعار الغذاء 208% وفق البنك الدولي. وذلك يناقض ما أكّده رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائيّة في لبنان هاني بحصلي في بيانٍ، أنّ “المواد الغذائيّة هي الأقل تأثّرًا بالارتفاع الذي سجّله مؤشّر أسعار الاستهلاك”.