السبت, سبتمبر 21

النهار: فريق التعطيل يشلّ التأليف وبكركي تصعّد المواجهة

أربعة أيام أخيرة فقط تفصل عن نهاية السنة التي صنفت الأسوأ عالميا فكيف بها لبنانيا بحيث لم تبق كارثة لم تحصل فيها وها هي خاتمتها تتوج ذروة الكارثة الوبائية لانتشار فيروس كورونا من جهة وذروة مماثلة سياسية في المقابل لازمة تأليف الحكومة الجديدة التي تنذر بتداعيات بالغة الخطورة على كل الصعد. ولعل اكثر الصور تعبيرا عن مآل لبنان في نهايات هذه السنة ترجمها الخواء السياسي الخطير غير المسبوق بهذا الشكل في الايام السابقة وتحديدا منذ سقوط آخر المحاولات لتأليف الحكومة بعد فشل الاجتماعين الثالث عشر والرابع عشر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في قصر بعبدا الأسبوع الماضي بحيث ساد عقبهما مناخ بالغ السلبية باتت تتحدث الأوساط المعنية والمطلعة على خلفياته بانه ينذر بكباش مفتوح لا افق زمنيا يحده. ولكن اذا كانت دلالات هذا المشهد المشدود تتركز في ظاهرها على الخلاف المفتوح بين الرئيس عون وفريقه السياسي من جهة، والرئيس الحريري من جهة أخرى، فان التطور الأبرز الذي سجل منذ بدء عطلة عيد الميلاد الخميس الماضي الى البارحة تحديدا تمثلت في الاندفاعة الاستثنائية التي تولتها بكركي ولا تزال تتولاها عبر اعنف حملاتها اطلاقا على المسؤولين المعنيين بملف تأليف الحكومة وتأخير ولادتها والسياسيين عموما بما شكل تطورا ذا ابعاد ودلالات بالغة الأهمية بدت معها بكركي كأنها اطلقت مواجهة لا رجوع عنها سواء في عنوان مواجهة تعطيل المؤسسات او في عنوان استرهان لبنان للخارج. وقد ابرزت مصادر سياسية مطلعة وثيقة الصلة ببكركي لـ”النهار” الأهمية الكبيرة لسلسلة المواقف المتعاقبة التي انبرى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى اطلاقها بدأب وبوتيرة شبه يومية غداة اخفاق المسعى البطريركي مع قصر بعبدا وبيت الوسط لتأليف الحكومة قبل عيد الميلاد مشيرة الى ان ثمة قرارا استراتيجيا كبيرا متخذا في بكركي لعدم التهاون اطلاقا امام ما تراه مخططا مكشوفا لاعادة البلاد الى حقبات الفراغ وهو الامر الذي لن تسكت عنه بكركي الى حين تأليف الحكومة. ولفتت المصادر نفسها الى ان حملة البطريرك الراعي التي انطلقت مع رسالة الميلاد ومضت تصاعدية في عظة يوم العيد الذي غاب فيه رئيس الجمهورية عن قداس الميلاد في بكركي للمرة الأولى بسبب جائحة كورونا لم تقف عند مناسبة الميلاد ابدا اذ تعمد البطريرك الراعي امس تحديدا ان يتسم موقفه الجديد بسمة ملامسة الخط الأحمر الإقليمي الذي يبدو واضحا انه يشكل جانبا خطيرا من جوانب تعطيل تأليف الحكومة . واما العامل الإبرز الآخر الذي تحدثت عنه هذه المصادر فيتمثل في تأكيدها ان بكركي تحظى في مواجهتها المتصاعدة لتعطيل تأليف الحكومة الانقاذية للبنان وإعادة لملمة الأمور قبل الانهيارات الكبيرة المخيفة بدعم فاتيكاني قوي، كانت الترجمة العملية والمعنوية والرمزية الكبيرة له في الرسالة الميلادية التي خَص بها البابا فرنسيس جميع أبناء الشعب اللبناني من كل طوائفه ومناطقه عبر البطريرك الراعي شخصيا الذي تلا الرسالة قبل يوم من إلقاء البابا عظته الميلادية متضمنة الشق المتعلق بلبنان. وأبرزت هذه المبادرة المهمة كما تضيف المصادر الدعم الجدي الذي يمنحه الفاتيكان لموقف بكركي في الضغط على الطبقة السياسية اللبنانية لاستجابة المطالب الملحة للشعب اللبناني الذي يعيش أزمات وجودية وهو الامر الذي وجد له ترجمة بالغة الأهمية في مضمون رسالة البابا الى اللبنانيين بحيث أستعاد مقطعا حرفيا من رسالة للبطريرك المؤسس للبنان الكبير الياس الحويك يتضمن مفهومه للعمل السياسي ويوجه انتقادات الى الزعماء. واما البعد الأبرز في كل ما تقدم فهو في الاعلان المفاجئ للبابا فرنسيس عن اعتزامه زيارة لبنان في اقرب فرصة الامر الذي أضفى صدقية كاملة على مسعى البطريرك الماروني في هذا السياق بعدما كرر في زيارته الأخيرة للفاتيكان توجيه الدعوة الى البابا لزيارة لبنان.

وتبعا لهذه المناخات اتخذ موقف الراعي امس طابع دق جرس الإنذار حيال البعد الخارجي لازمة تأليف الحكومة اذ تحدث عن “قرار مصادر يرهن مصير لبنان بمصير دول أخرى”. وقال في سياق حملته على المسؤولين لتخلفهم عن تأليف الحكومة “اني انذر جميع معرقلي تأليف الحكومة من قريب او من بعيد بانهم يتحملون مسؤولية وضع جميع المؤسسات الدستورية على مسار التعطيل الواحدة تلو الأخرى. وان كان ثمة من يراهن على سقوط الدولة فليعلم ان هذا السقوط لن يفيده ولن يفتح له طريق انتزاع الحكم لان الانتصار على بَعضنا مستحيل بكل المقاييس ولان اللبنانيين شعب لا يقبل اصطناع دولة لا تشبهه ولا تشبه هويته وتاريخه ومجتمعه”.

في غضون ذلك دخل المشهد السياسي المتصل بأزمة تأليف الحكومة في حالة شلل كاملة لا يتوقع لها ان تتحرك قبل مطلع السنة الجديدة علما ان الرئيس الحريري غادر لبنان امس لتمضية عطلة رأس السنة مع عائلته في دولة الإمارات العربية المتحدة على ان يعود بعد ذلك الى بيروت. ولفتت أوساط معنية بمأزق التأليف الى ان الأسبوعين الاولين من السنة الجديدة سيكونان على درجة من الأهمية بحيث يشكلان الاثبات الحاسم على تقاطع المصالح وتوزيع الأدوار بين الفريق الرئاسي في بعبدا وحليفه “حزب الله” في التمادي بتعطيل تأليف الحكومة ومنع ولادتها الا في التوقيت الإقليمي والدولي الملائم للمحور الداعم لـ”حزب الله ” من جهة ووفق المعايير التي يسعى العهد الى فرضها على الحريري وتطويعه للقبول بحكومته من جهة أخرى.

نصرالله

وسط هذه الأجواء أكد الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، أن لا معطيات دقيقة أو معلومات حول إحتمال قيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو إسرائيل بعمل ما في الأيام الفاصلة عن نهاية ولاية عهد ترامب، مشيراً إلى أن “هناك تحليلات لأن هذا المجنون بحالة غضب شديد لكن لا أحد لديه معطيات حسية، وبالتالي قد يحصل وقد لا يحصل”. واعتبر “ان محورالمقاومة اقوى من اي وقت مضى”.

وشدد في مقابلة عبر قناة “الميادين” على أن “محور المقاومة يجب أن يتعاطى مع هذه الأسابيع بحذر ودقة وإنتباه حتى لا يتم إستدراجنا إلى مواجهة غير محسوبة أو مواجهة في توقيت الأعداء”. وعن التهديدات الإسرائيلية، قال: “عندما تسمع الإسرائيليين يطلقون الضجيج الإعلامي فإعلم أن ليس وراء ذلك أفعال حقيقية”، لافتاً إلى أن “المعلومات التي تحدثت عن حصول إنزال إسرائيلي في منطقة، بحسب المعطيات التي لدينا، لم يحصل أي شيء من هذا النوع”، مشيراً إلى أنه “حتى الآن ما نراه بالنسبة إلى الحدود مع لبنان، الإسرائيلي بحالة قلق شديد ولا يزال يقف على إجر ونصف”.

وتطرق الى امنه الشخصي متهما “الرياض بانها تحرض على إغتياله منذ وقت طويل، بالحد الأدنى منذ بدء الحرب العدوانية على اليمن”، قائلا أن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طرح هذا الأمر في الزيارة الأولى التي قام بها إلى الولايات المتحدة”.

 

 

Leave A Reply