انتقل “التيار الوطني الحر” من طور الى آخر على المستوى التنظيمي بفعل الفرز الداخلي الذي حصل في صفوفه وخروج بعض النواب من نسيجه الحزبي، ما فتح الباب أمام اجتهادات عدة حول التأثير الذي يمكن أن تتركه عملية إعادة التشكل هذه على مساره ووزنه في اللعبة السياسية.
مع فصل او استقالة عدد من نواب “التيار الوطني الحر” في الآونة الأخيرة، وآخرهم ابراهيم كنعان بعد الياس بوصعب وسيمون ابي رميا وآلان عون، يكون تكتل “لبنان القوي” قد فقد 4 نواب مسيحيين + محمد يحيى الذي سبق له ان التحق بكتلة أخرى، ليصبح العدد الصافي 13 نائبا (من دون حزب الطاشناق)، الامر الذي حرّض البعض على التساؤل عن الانعكاس المحتمل لهذا “الانكماش العددي” على موقع التيار ودوره في المعادلة الداخلية، خصوصا ان حياكة التوازنات اللبنانية غالبا ما تتم بخيوط الاحجام.
كذلك، فإن طبيعة الحيثية الشخصية والسياسية للمغادرين المصنفين من “الصف الأول”، دفعت هذا البعض الى التساؤل عن الأثر المعنوي لرحيلهم على اسهم “التيار” في البورصة السياسية.
وهناك من ذهب في تقديراته الى الاستنتاج بان “القوات اللبنانية” ستكون المستفيدة الأولى والاساسية من “الضمور” الذي أصاب الجسم النيابي لـ”التيار”، في اعتبار أن خروج أربعة اعضاء من التكتل البرتقالي دفعة واحدة، حسم تلقائيا السجال مع “القوات” حول من يستحوذ على الكتلة المسيحية الأكبر في المجلس، وبالتالي باتت “الجمهورية القوية” الآن هي المتفوقة عدديا على “لبنان القوي”، مع ما قد يرتبه ذلك من مفاعيل سياسية.
ولكن، كيف يتعامل “التيار” من ناحيته مع تداعيات تقلص حجم تكتله النيابي؟ وما رده على من يفترض ان ما حصل سيفضي الى إضعافه؟
يعتبر مصدر قيادي في “التيار الحر” ان خروج النواب الأربعة من صفوفه لن يترك اي تأثير عملي على قوته السياسية والتصويتية “إذ ان هؤلاء لم يكونوا اصلا ملتزمين بخيارات قيادة” التيار” قبل أن يرحلوا، وهم على سبيل المثال لم يتقيدوا بقرارها التصويت لجهاد أزعور في جلسة 14 حزيران الشهيرة، وبالتالي فإن انفصالهم الرسمي لن يقدم ولن يؤخر بهذا المعنى، بل هو فقط يكرس في العلن انفصالا مستترا لم يعد من الممكن التكيف معه.”
ويشير المصدر الى ان “وجود تكتل أقل عددا ولكن اكثر انسجاما هو أفضل وأفعل بالتأكيد من ان يكون لديك تكتل أكبر في الحجم انما غير متماسك في السلوك.”
اما عن الاستنتاج القائل بان ما يجري في “التيار” سيخدم معراب وسيعزز موقعها في الساحة المسيحية، فإن المصدر البرتقالي يلفت الى انه صحيح ان كتلة “القوات” باتت من ناحية الأرقام الأكبر عددا في الوسط المسيحي، الا ان من شان ذلك أن يؤدي إلى انكشافها اكثر وان يثبت عدم صدقيتها في تنفيذ الوعود المستحيلة التي أطلقتها خلال حملة الانتخابات النيابية تحت شعار “بدنا وفينا.”
ويضيف المصدر: “ها هي “القوات” أصبحت تملك حاليا الكتلة النيابية الأكثر عددا، “خليهم يفرجونا شو فيهم يعملوا وكيف بدهم يترجموا الوعود المعسولة التي ضللوا بها الناخبين.”
ويتابع المصدر:”فلينتخبوا رئيس الجمهورية وينزعوا السلاح ويحققوا الإصلاح ويخفضوا سعر الدولار ويعيدوا الى المودعين حقوقهم.” ويؤكد ان التحديات والوقائع ستثبت عجز “القوات” عن تنفيذ خطابها الشعبوي والاستهلاكي، كاشفا ان آخر دراسة إحصائية أجريت بطلب من إحدى السفارات أظهرت ان شعبية “التيار الحر” آخذة في الارتفاع مجددا في البيئة المسيحية.
عماد مرمل – الجمهورية