تقول مصادر مسؤولة لـ”الأخبار”، إن التحكّم بسعر الصرف هو أمر متاح في ظل الظروف الحالية طالما أن الحكومة قادرة على التحكّم بإنفاقها، أي إذا تمكنت من إحلال التوازن المالي بين نفقاتها وإيراداتها، فعندها لن تكون للعجز قوّة سوقية تضغط على سعر الصرف.
وتشير المصادر إلى أن التحكّم الآني في سعر الصرف نفّذه مصرف لبنان من خلال التنسيق مع الحكومة واستخدام الآليات الضريبية كآليات لامتصاص السيولة من السوق بالليرة اللبنانية في مقابل تسديد الرواتب والأجور للقطاع العام بالدولار النقدي. هذه الآلية تخلق حلقة ضيقة بين امتصاص السيولة بالليرة وإجبار المكلفين على تحويل ما لديهم من دولارات لتسديد ضرائبهم في مقابل أن تستعمل هذه الدولارات من مصرف لبنان في تسديد مخصصات العاملين في القطاع العام وفي تكوين احتياط بالعملة الأجنبية بلغ لغاية الآن 1.8 مليار دولار. وتشير المصادر إلى أن هذا الاحتياط يوازي كل ما تملكه الخزينة في مختلف حساباتها بالليرة أو بالدولار (الدولة لديها كمية كبيرة من الأموال المسجّلة بالدولار المصرفي).
غير أنه رغم هذه التأكيدات لا يمكن الجزم أبداً بأن هذه الآلية قابلة للاستمرار لوقت طويل، إذ إن محدودية القدرة الاستهلاكية في ظل تقشّف الحكومة ستبقي تدفق الدولارات من الخارج إلى الداخل ضمن سقوف متواضعة تنخفض عند كل استحقاق أو حدث ما، في مقابل استمرار تسرّب الدولارات إلى السوق (أو احتفاظ السوق فيها بدلاً من ضخّها بسخاء عبر قنوات مصرف لبنان) من الحلقة التي خلقها مصرف لبنان مع الحكومة، قد يكون في لحظة ما خارج السيطرة. في الأفق ما زالت القدرة على التحكّم بسعر الصرف لبضعة أشهر متوافرة ومغطاة ببعض من الاحتياطات، إنما لا أحد يمكنه الحسم بمصير هذه الحلقة ضمن مدى أبعد من ذلك.