وليد حسن – المدن
تجدد ظلم المحاكم الشرعية، وهتاف: الفساد تحت العمامات. وحضانتي ضد المحاكم الجعفرية. وهذه شعارات تختصر معاناة النساء مع المحاكم الدينية، وتحديداً المحاكم الجعفرية في قضايا حق حضانة الأم أطفالها.
وقفة آخر السنة
والشعارات ترددت في الاعتصام الذي نفذته الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة لدى الطائفة الشيعية، اليوم الإثنين في 28 كانون الأول، أمام المحكمة الشرعية الجعفرية في منطقة اليونسكو.
أرادت النساء ملاحقة القاضي بشير مرتضى، وباقي القضاة إلى مكاتبهم، تنفيذاً لتهديد “الحملة” السابق بأنه في حال لم يراجع مرتضى ضميره في حكمه بحرمان عبير خشاب من حقها في رؤية طفليها التوأم، ستنفذ اعتصامات أمام مكتبه وستمنعه من تنظيم أي جلسة. إضافة إلى ملاحقة باقي القضاة في المحكمة، لرفع الغبن عن النساء.
واليأس من ظلم المحكمة والقضاة دفع بعبير خشاب إلى استدعاء مناصرات وتلفزيونات ومكبر للصوت، لنقل معاناتها مع القضاء الجعفري، وأحكام القاضي بشير مرتضى لصالح زوجها السابق، بسبب نفوذه السياسي. هو يشغل منصباً دبلوماسياً في أحد البلدان الأفريقية، ومناصر لحركة أمل، مثل القاضي مرتضى.
صراخ مجبول بالبكاء
وقفت خشاب وسط الشارع، تحت مكتب مرتضى، وراحت تصرخ وتدين وتطلق نداء مجبولاً بالبكاء. أدانت حكم القاضي الذي لم يراع مصلحة الطفل ولا وضعه النفسي، ولم يستجب لنداء الصلحة، وحكم حكمه من دون استشارة متخصصين اجتماعيين أو نفسيين، لمعرفة مدى تأثير سلخ الأطفال من حضن أمهم.
وهي جاءت لتتهمه بالرضوخ لتدخلات سياسية أملت عليه حكمه لصالح الأب النافذ سياسياً. الوالد يطلب من مهجره الإفريقي، والقاضي مرتضى يلبي له طلبه، قالت.
أتت لتتهم المحكمة بالفساد والانحياز إلى الأب، الذي غير عمر طفلتها التي لم تكمل السابعة من عمرها بعد، وسن حضانة الطفلة ما زالت للأم. إذ ارتأى مرتضى أن يُحتسب عمر الفتاة وفقاً للتقويم الهجري لا الميلادي، كي يسمح بانتقال الحضانة إلى الأب، وتسفير الأولاد.
“الفساد، الفساد، جوا جوا العمامات”، رددت النساء اللواتي جئن لمناصرة خشاب، فطالبن من أمام المحكمة الشرعية الجعفرية القاضي مرتضى باستقبالهن، أسوة بباقي القضاة. لم ينصت أحد منهم للنساء. نادت النساء القضاة بأسمائهم عبر مكبرات الصوت. هتفن ضد الحكم والغبن. وكانت القوى الأمنية لهن بالمرصاد فمنعتهن من الدخول إلى مبنى المحكمة.
قضاة الذكورية العمياء
وهذه الحملة المستمرة منذ سنوات عدة جعلت قضايا النساء مع المحاكم الجعفرية قضية عامة، بعدما كانت في السابق خاصة، وتنتهي برضوخ النساء في المحاكم. والقضاة يحكمون والنساء تنفذ. تدخل المرأة إلى المحكمة وتخرج باكية مجبرة على التخلي عن أولادها للحصول على الطلاق.
ليس هناك من لبناني واحد لم ير ويسمع ويعاين عن كثب معاناة امرأة من محيطه العائلي أو البلدي، مع المحاكم الدينية في قضايا حضانة الأطفال. قهر كان يبقى غالباً بين جدران البيت الواحد، أو لا يعرف به إلا بعض الجيران والأقرباء. وطحنت المحاكم الدينية النساء وأجبرتهن على التخلي عن أولادهن.
محاكم دينية ذكورية تنتصر للرجل من دون أي مراجعة لمصلحة الطفل النفسية والعقلية والجسدية. ورجال دين قضاة ربما تراهم يركضون لتقبيل أيادي أمهاتهم. لكنهم عندما يحكمون في قضايا الطلاق والحضانة تخرج منهم وحوش الذكورية ضد النساء. هذا أقله ما يمكن استنتاجه من تلك المرأة التي كانت تصرخ وسط الشارع، أمام المحكمة الشرعية الجعفرية في منطقة اليونيسكو، صباح اليوم، لأنها تريد فقط حق رؤية أطفالها.