لا يجوز أن تبقى قضية العسكريين المتقاعدين في الشارع، رهينة الصدامات والمزايدات، دون أي ذرّة وفاء لحال الذين حملوا يوماً حملوا أمانة الشرف والتضحية والوفاء للوطن، وبذلوا الدماء، وأصيبوا بإعاقات، ودافعوا عن أمن الوطن والمواطن بكل شجاعة، رغم محدودية الإمكانيات المتوافرة بين إيديهم.
مشكلة المتقاعدين في الدولة، عسكريين ومدنيين، في غياب الرؤية الإصلاحية الشاملة لمعالجة الأزمات المالية المتناسلة في خزينة الدولة، رغم إرتفاع أرقام الجبايات
من رسوم وضرائب، وعائدات جمركية وغيرها من المرافق الحيوية. فضلاً عن إتباع سياسة الإستنساب في التعاطي مع مسائل لموظفي الدولة، والعاملين في الإدارات العامة، وعدم ربط تصحيح الأجور والرواتب بالإنتاجية، بشكل فاعل وجدّي، كما يحصل في بلاد العالم.
فإنتاجية موظفي الضرائب والرسوم المالية، مثلاً، تُعتبر أكثر تميزاً من أصحاب المهمات البيروقراطية والإدارية التي تبقى أسيرة روتين معين، ومساهمتها في تغذية موارد الخزينة محدودة، ومع ذلك يتقاضى الموظفون البيروقراطيون رواتب مماثلة، وأحيانا أكبر من زملائهم المنتجين، بسبب قانون الوظيفة العامة المعمول به حالياً،. ويحتاج إلى تطوير وتعديل، ليحاكي روح العصر. ويحفظ للمنتجين حقهم في الحصول على منح مالية، أو ترقيات إستثنائية. في وظائفهم، تشكل حوافز شخصية لتحسين الإداء والإنتاج، عوض هدر الوقت وتعطيل مصالح الناس، وعدم تحسين الجبايات لتعزيز موارد الخزينة.
والأمثلة على تردي أداء الدولة أكثر من أن تُعد أو تُحصى، من الفوضى العارمة في مصلحة الميكانيك، التي تتسبب بخسارة المليارات يومياً لخزينة الدولة، إلى الضياع الحاصل في الدوائر العقارية في جبل لبنان، إلى الهدر المستمر في الكهرباء، وغيرها كثير، وكلها تتطلب وجود إدارة قوية وحازمة، ومستوعبة لأهمية تحقيق العدالة بين الموطنين أولاً، ثم بين الناس عامة، وإزالة الإنطباع الداخلي، بأن ثمة ناس بسمنة وآخرين بزعتر.
صلاح سلام – اللواء