من مناظرة هاريس وترامب، إلى مناورات نتنياهو بين محور فيلادلفيا ومعبر نيتساريم، إلى تهديدات غالانت وبن غفير وسيموريتش، إلى حلقات النار المتمددة من الجنوب إلى البقاع، إلى تفاقم الأزمات المعيشية والإجتماعية مع إستمرار الإنهيارات الداخلية..، يبحث اللبناني عن مؤشر بسيط للإطمئنان، والحد من دوامة القلق التي تنهش يومياته، ولا يجد في آخر النهار ما يساعد على تهدئة البال، أوالتخفيف من كوابيس الحروب، ومشقة الضغوط .
مشكلة اللبناني ليست مع المحيط المشتعل بالصراعات والحروب، بقدر ما هي في الوقت نفسه مع سياسيِّي هذا الزمن الرديء، الذين لا يقيمون وزناً لمصالح البلاد والعباد، ويوغلون في فسادهم الذي جعل من الدولة ومرافقها كالبقرة الحلوب، لدرجة إيقاع الدولة في لجج الإفلاس، وعدم التورع عن نهب ودائع الناس، وإفقار شعب كان حتى الأمس
القريب يعيش في بحبوحة ورفاه.
خمس سنوات مضت على الإنهيار المالي المدمر، ومع ذلك مازالت الحكومات المتعاقبة، تدور في حلقات فارغة من النقاش العقيم حول السبل الواجب سلوكها لمعالجة تداعيات الأزمات المتناسلة، خاصة على الصعيدين المعيشي والإجتماعي، والتجاوب مع مقترحات صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى، لتنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية، والتي لا بد منها لفتح أبواب المساعدات الخارجية، بعد إستعادة الثقة بقدرة الدولة اللبنانية على الخروج من مستنقعات العجز المالي والفشل الإداري، والتخلص من سرطانات الفساد والهدر والنهب.
الأشقاء والأصدقاء قطعوا الأمل من تجاوب المسؤولين اللبنانيين مع متطلبات الإصلاح والإنقاذ، فأداروا ظهورهم للبلد المنكوب، وتركوا أهل الحل والربط يتخبطون في خلافاتهم وفسادهم وأنانياتهم، الأمر الذي أدى إلي تفاقم المعاناة التي تُنغّص حياة اللبنانيين، وتهدد مستقبل أجيالهم.
اليوم العسكريون في الشارع، وغداً موظفو بقية الإدارات في إضراب شامل.
اليوم المدرسة الرسمية مهددة بعدم الإستمرار، وغداً المعلمون يفترشون الساحات.
اليوم الأفران تعمل، وغداً لن يكون الرغيف بمتناول كل اللبنانيين.
اليوم دولة بلا رئيس. وغداً قد نصبح مع رئيس بلا دولة!
صلاح سلام – اللواء