كتبت صحيفة “الديار”: ميدانيا، التصعيد سيد الموقف، داخليا، مع تصعيد حراك العسكريين المتقاعدين لتحركاتهم واتصالاتهم، كما لهجهتم التي بلغت حدودا غير مسبوقة، بعد “تهريبة” الحكومة امس، “التي نقلت المواجهة الى مكان آخر”، على ما يؤكد الحراك، وحدوديا، مع انطلاق المرحلة الجديدة من الهجمة الاسرائيلية على الحدود الشمالية في لبنان وسوريا. سياسيا، جولات دبلوماسية، وزيارات اوروبية الى بيروت، واميركية الى تل ابيب، املا في تغيير “ما قد يكون كتب”، في وقت عادت الملفات الداخالية بغالبيتها الى مربعها الاول، من تعثر تحريك مياه الرئاسة الراكدة، مرورا بـ “هريان” المؤسسات الرسمية وشللها، ودوران المؤسسات الدستورية في حلقة مفرغة.
بوريل
ففيما وصل الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى اسرائيل، ضيفا عزيزا، بشكل مفاجئ، حاملا رسالة سياسية، بعد سلسلة الزيارات العسكرية التي قام بها مجموعة من كبار ضباط الجيش الاميركي، الذين استطلعوا الجبهة الشمالية، كان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ونائب المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، يسوح ويجول بين المقار الرسمية اللبنانية، ناقلا تضامنا وتعاطفا كلاميا،لفت فيه اعتماده لغة سادت مع اندلاع ثورة 17 تشرين، في اعلانه ” أنّ “الاتحاد الأوروبي يقف مع الشعب اللبناني” دون ذكر الدولة، وطغت عليه مرارة عدم استقباله في تل ابيب، على ما اشارت مصادر مواكبة للجولة والاجتماعات، معبرا عن قلقه مما قد تحمله الاسابيع القادمة من تصعيد على الجبهة الجنوبية، في ظل اصرار رئيس الحكومة الاسرائيلية على المضي قدما في سياساته، ناصحا بعدم السير بعكس الرياح الاميركية “هذه الايام”.
في معرض تعليقها على الزيارة، اشارت اوساط سياسية الى ان الزيارة الاوروبية الى بيروت غير مفيدة عمليا، ولن تضيف شيئا، سواء على الصعيد المادي وحتى السياسي، اذ لا توافق بين دول الاتحاد الاوروبي على التعامل مع الملف اللبناني، في ظل انقسامها حول الموقف من حزب الله، ودور المؤسسات الرسمية اللبناني، فالاتحاد يقف لا حول ولا قوة له حتى فيما خص انتخابات رئاسة الجمهورية، كما ان الاتحاد لم يتخذ بعد اي جراءات جدية لتنفيذ وعده بدفع “المليار يورو”، فيما خص ملف النزوح السوري، وعدم قدرته راهنا على رفع نسبة مساعداته للبنان، خصوصا ان تمويل خطة الطوارئ الحكومية اوروبي بغالبيته، معتبرة ان كل المواقف التي اطلقها بوريل، لن تقدم او تؤخر في مسار الاحداث والتطورات، التي يتم رسمها بين واشنطن وتل ابيب، حيث يجري اعداد “طبخة لبنانية ما”، لم تعرف مكوناتها حتى الساعة، باعتراف المسؤول الاوروبي نفسـه.
الملف الرئاسي
رئاسيا، عادت الامور على ما يبدو الى مربعها الاول رئاسيا، رغم استمرار الاتصالات “السرية” التي بداها اعضاء الخماسية مع بعض النواب،حيث اعادت الاوساط السبب الى نتائج جولة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى الرياض والتي اتت مخيبة لباريس، اذ فشل الاخير في “جر” القيادة السعودية الى الوحول اللبنانية من جديد، اذ يصر ولي العهد السعودي على ان المملكة لن تتدخل في لعبة الاسماء والآليات الانتخابية، ولن تمارس اي ضغوط في هذا المجال، كما انها لن تتعهد بتقديم اي مساعدات، او تغيير في سياستها تجاه لبنان الرسمي، قبل انتخاب رئيس ومعرفة هويته، ليبنى على الشيئ مقتضاه.
وليس بعيدا عن الملف الرئاسي علم ان اتصالات بعيدة عن الاعلام تجري لتخفيف الاحتقان بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، والذي ارتفعت حدته في الايام الاخيرة، تمهيدا لعقد اجتماع للجنة بكركي، لاستكمال مناقشتها حول الوثيقة التي تعتزم انجازها، والتي تلح الفاتيكان على خروجها الى العلن في اقرب وقت ممكن، كسقف تلتزم به الاطراف المسيحية السياسية.
هوكشتاين
وبالعودة الى زيارة الوسيط الاميركي الى تل ابيب، فقد كشفت المعلومات ان الزيارة تاتي في سياق استكمال المباحثات التي بدات “افتراضيا” الاسبوع الماضي واتفق على متابعتها، بعدما انجز العسكريون وضع تصوراتهم، وفقا للاولويات التي وضعها الاسرائيليون، وفي هذا الاطار تكشف المعطيات ان ثمة طرحا اميركيا، مقبول لبنانيا، يقضي بخفض التصعيد العسكري على الجبهة اللبنانية، وحصره في الداخل السوري، انطلاقا من انخفاض حدة العمليات العسكرية في قطاع غزة، تزامنا مع اطلاق جولة مفاوضات دبلوماسية، ترافقها ضغوطات سياسية، وهو ما رفضته تل ابيب معتبرة ان اي مفاوضات دبلوماسية لن تنجح دون ضغط عسكري كبير، وسقف تاريخي محدد لها، وهذا ما تبلغته بيروت بوضوح.
وتتابع المصادر ان الادارة الاميركية تحاول تثبيت بعض نقاط “اتفاق اليوم الثاني لانتهاء الحرب”، قبل الانتقال الى البحث في الضمانات والآليات،التي تتضمن رفعا للتنسيق العسكري والامني بين واشنطن وتل ابيب، والذي بدات تظهر مؤشراته على الارض سواء في لبنان او سوريا، وآخره في العملية التي نفذت في مصياف، والتي جاءت نتيجة تعاون استخباراتي وعمليات رصد وتجسس، نفذتها طائرات اميركية واسرائيلية مجهزة باحدث الوسائل التكنولوجية لايام، فوق الساحلين اللبناني والسوري، امتدادا نحو الداخل، مشيرة الى ان واشنطن لا تمانع تصعيد العمليات العسكرية في سوريا، في اطار خطة ضرب خطوط امداد الحزب، كجزء من عمليات الضغط، التي ستواكب بحملة في مجلس الامن.
الجنوب
استنادا الى ما تقدم ،تشهد جبهة الحرب مع اسرائيل، على ما يتداوله المراقبون ، انتقال اسرائيل الى اعتماد استراتيجية جديدة باتت اكثر وضوحا، حيث رفعت من نسبة عملياتها الليلية وتركيزها على رقع جغرافية معينة، تصنفها كمواقع لمخازن السلاح والقواعد الصاروخية، معتمدة سياسة الارض المحروقة، مستخدمة ذخائر فتاكة، في وقت واصلت فيه المدفعية الاسرائيلية قصفها مستهدفة اطراف بلدة علما الشعب ومنطقة اللبونة في الناقورة بالقذائف الثقيلة من عيار 155 ملم، كما نفذت مسيّرة إسرائيلية غارة استهدفت اطراف حديقة مارون الراس بصاروخ، فيما نفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارة على بلدة مارون الراس في قضاء بنت جبيل، وأطلق الجيش الاسرائيلي نيران رشاشاته الثقيلة ، باتجاه الاحراج المتاخمة لبلدة الناقورة في القطاع الغربي.
من جانبه، أعلن حزب الله في بيان ان مجاهديه استهدفوا موقع بياض بليدا بقذائف المدفعية الثقيلة وأصابوه إصابة مباشرة. ايضا، اعلن الحزب انه استهدف موقع المالكية، مشيرا الى “اننا استهدفنا لأول مرة مستعمرة روش هانيكرا وقصفنا مستعمرة متسوفا برشقات صاروخية”.
الاستحقاق النيابي
ومع اقتراب موعد افتتاح الدورة العادية لمجلس النواب، برزت الى الساحة مسالة انتخاب رؤساء واعضاء اللجان النيابية ومقرريها، والتي اكتسبت اهميتها هذه المرة، بسبب شغل النواب المقالين والمستقيلين من التيار الوطني الحر، الحصة المقررة لميرنا الشالوحي من ضمن توزيع اللجان، حيث تعتبر اوساط متابعة، ان مسار هذا الاستحقاق، سيقدم مؤشرا لما سيكون عليه التعامل والتحالف الانتخابيين، اذ تؤكد مصادر “النواب الاربعة” ان القديم سيبقى على قدمه، على ما درجت عليه الحياة البرلمانية اللبنانية، مشيرة الى انه في حال حصل غير ذلك فان النواب الاربعة مستعدون لخوض المعركة، وسط تلميح البعض الى ان ثمة مساع واتصالات تجري لتمرير الاستحقاق باقل ضرر ممكن، خصوصا في ظل “الاهتزاز” الحاصل في العلاقة بين التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي.
مبادرة سعودية
على صعيد آخر وفي سياق منفصل دخلت المملكة العربية السعودية على خط الازمة في القرنة السوداء، والتي كادت تفجر فتنة مسيحية سنية، بين بشري وبقعصفرين، في آخر جولاتها، نقل عن مصدر دبلوماسي سعودي ،ان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان اوعز الى السفير وليد البخاري، اجراء اللازم من دراسات لاقامة مشروع بركة لتجميع المياه وانهاء الاشكالات السنوية، بكلفة مليوني دولار، على ان ينفذ المشروع تحت اشراف السفير السعودي مباشرة.
رياض سلامة
قضائيا، استمع قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي إلى افادة المحامي ميشال تويني بصفة شاهد في ملف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، ولم تدم الجلسة اكثر من نصف ساعة. ولم يحضر باقي الشهود الذين جرى استدعاؤهم، فيما حضر عدد من المحامين الذين مثلوا المصرف المركزي الذي اتخذ صفة الادعاء في هذه القضية، فيما كان حاكم المركزي وسيم منصوري يوضح “أن موضوع “اللائحة الرمادية” وإدراج الدول ضمن هذه اللائحة نتيجة معايير معينة هو اجراء روتيني دوري من قبل FATF وقد مرت بهذه التجربة دول عدة، لافتا، إلى استقرار سعر صرف الليرة، معددا الأعمدة الأربعة لإعادة تفعيل الاقتصاد وهي:المحاسبة عبر القضاء الشفّاف، إعادة ودائع المودعين، إعادة تفعيل القطاع المصرفي، الإصلاحات الإداريّة في الدولة.