لا تغيب عيون الأجهزة الأمنية في بيروت والمناطق عن سريان الحياة اليومية للمواطنين فضلاً عن المتابعة الدقيقة لحركة النازحين السوريين في المخيمات التي ينتشرون فيها مع الإشارة الى أنه لا معلومات تتحدث عن أخطار ستأتي منها رغم رسم أكثر من سيناريو حيالهم في الأشهر الأخيرة إذا ما عملت إسرائيل على الدخول الى لبنان من جهة البقاع أو محاولة إقدامها على فصل الطريق الساحلية بين بيروت والجنوب. وفي هذا الوقت ورغم الضغوط الملقاة على عاتق أهل العسكر تقوم وحدات الجيش ومديرية المخابرات فضلاً عن بقية الأجهزة المعنية بحسب معلومات لـ”النهار”، بسلسلة من العمليات الاستباقية التي مكّنتها من ضبط خلايا لتنظيم “داعش” لم يُكشف عنها بغية عدم خلق بلبلة في الشارع اللبناني. وأوقف أعضاء 9 خلايا متفرقة منذ بداية السنة الجارية وأفرادها من اللبنانيين ما عدا واحدة تضمّ عراقيين وهم على ارتباط برؤوس إرهابية في إدلب السورية وغيرها. وأظهرت التحقيقات معهم أنهم كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية من دون الكشف عن الأهداف التي كانت موضوعة على أجنداتهم.
وأبرزت التحقيقات بحسب مصادر أمنية مواكبة أن أعضاء هذه المجموعات لا يملكون المال الذي كانت تأتي به سابقاً من الخارج حيث يعمد “الجدد” في هذا الميدان الى تنفيذ أعمال سرقة بهدف جمع المال وشراء الأعتدة العسكرية والمتفجرات وهم من المدرّبين على استعمالها. ولم يعد هؤلاء يتحركون على غرار تجربة أسلافهم عندما كانت “دولتهم” تتحصّن في مناطق عدة في الأراضي السورية والعراقية.
وترتبط هذا الخلايا التي أوقفت بقياديين في “داعش” حيث كانوا على استعداد لتنفيذ عمليات على شكل العملية التي نفذها اللاجئ السوري قيس الفراج ضد السفارة الأميركية في عوكر في حزيران الفائت وتمكن حرّاسها من إصابته بجروح خطرة. ولا يزال هذا الشاب المؤمن بأفكار “داعش” يخضع للعلاج في المستشفى وخضع لجراحة في الآونة الأخيرة تطلبت بتر إحدى يديه وأجريت معه سلسة من التحقيقات.
وتفيد المصادر المواكبة أن توقيف هذه المجموعات قبل تنفيذها عمليات إرهابية يتطلب بذل المزيد من التنبه وأعمال مراقبة المتأثرين والمستعدين لسلوك خيارات إرهابية مع ملاحظة عدم وجود بيئات لبنانية في الشمال والبقاع تحتضن هؤلاء مع الإشارة الى أن وحدات الجيش في طرابلس وعكار وأكثر من منطقة في الشمال تلاحظ ارتفاع عدد الإشكلات والمشاجرات اليومية من دون أن تكون أسبابها سياسية أو إرهابية. ولا يخفى هنا الى أن مهمات وحدات المؤسسة العسكرية تشغلها وتتطلب مشاركة أعداد كبيرة من الضباط والجنود لحفظ الأمن وفضّ هذا النوع من الإشكالات.
أما في البقاع فكان من الملاحظ أيضاً بحسب مصادر أمنية أن بلداته تشهد وضعاً أمنياً جيداً نتيجة مطاردة المطلوبين والعصابات التي كانت تنشط في المحافظة وامتداد خطوط عملياتها الى سوريا ولو أن أعمال التهريب ما زالت ناشطة من البقاع الى الشمال.
ويسجل مسؤول أمني هنا أن القوى السياسية في البقاع، فضلاً عن الزعامات العشائرية، رفعت أيديها عن المطلوبين. ولم يعد قادة المؤسسات العسكرية يتلقون اتصالات تطالب بالإفراج عن الموقوفين الذين يخضعون للتحقيقات العسكرية في البداية ثم يُحالون على القضاء.
وتبقى الخاصرة الأمنية الرخوة في المشهد الأمني العام في البلد هي ازدهار سوق الاتجار بالمخدرات والممنوعات وانتشار روّاد أوكارها في أماكن معروفة في الضاحية الجنوبية وهم على تواصل مع مخيمات برج البراجنة وصبرا وشاتيلا ومحيط بئر حسن. وتفيد المصادر أن القائمين والعاملين في هذا الحقل ازدادت أعدادهم وهم من اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين ويتعاونون مع “زملاء” لهم في جبل لبنان والشمال وبدرجة أقل في الجنوب.
ويستغل هؤلاء انشغال القوى الأمنية بمهمات الأمن ليستفيدوا من أي ثغرة تساعدهم في تعزيز اتجارهم في بث السموم. ورغم كل هذه المناخات لا توفر الأجهزة للناشطين في الإرهاب والمخدرات فرصة النوم على حرير.
رضوان عقيل – النهار