الجمعة, نوفمبر 22
Banner

السباق الأخير بين “قرار الحرب” والاحتواء الأميركي

أبرزت التطورات الديبلوماسية والميدانية المتداخلة حيال الأزمة الرئاسية والوضع الميداني الحربي الأخذ بالتفاقم والتصعيد على الجبهة الجنوبية للبنان مع إسرائيل، أن سباقاً لاهثاً جديداً وخطيراً الى حدود بعيدة، عاد يطبق على لبنان مجدداً بين احتمالات الحرب المتعاظمة والجهود الديبلوماسية لمنع اتساعها. ولا يقتصر الأمر في استقراء هذا السباق على الاجتهادات والتفسيرات المتضاربة وفق مواقع الافرقاء اللبنانيين، بل إن معلومات موثوقة لـ”النهار” كشفت أن الأيام القليلة المقبلة تنطوي على أهمية استثنائية لجهة اختبار الجهود المتقدمة التي سيبذلها الموفد الأميركي إلى لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين العائد إلى إسرائيل أولاً، في ما يمكن أن يشكل احدى أكثر محاولات الإدارة الأميركية جدية في الضغط على إسرائيل لمنعها من تنفيذ قرار صار ناجزاً وجاهزاً لتحويل وجهة التصعيد الحربي نحو لبنان.

وتكتسب هذه المحاولة، وفق هذه المعلومات، أهمية مزدوجة إذ تسابق من جهة “المهمة القاتلة” للانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، كما تسابق من جهة مقابلة إمكان توظيف الحكومة الإسرائيلية لهذه المهلة في تنفيذ مغامرة كبيرة في لبنان. وتبعاً لذلك تعاملت الدول كما يبدو بقدر أكبر من الخطورة مع التهديدات الإسرائيلية هذه المرة بالتحول إلى الجبهة الشمالية، إذ تكشف المعلومات نفسها أن سفراء المجموعة الخماسية الذين اجتمعوا السبت الفائت في قصر الصنوبر كان شغلهم الشاغل ليس البحث مجدداً ومراجعة المسار المسدود لأزمة الفراغ الرئاسي بقدر ما ركزوا على تأثيرات الوضع المتفجر في الجنوب واحتمالات اتساع الحرب على الداخل اللبناني انطلاقاً من الأزمة الرئاسية. وهذا ما يجعل الأنظار تتركز اكثر فأكثر على احتمال زيارة هوكشتاين لبيروت بعد زيارته لإسرائيل ولو أن الامال المعلقة على مهمته تبدو واهية وضعيفة.

ذلك أن التهديدات الإسرائيلية بعملية واسعة في لبنان تصاعدت عشية عودة هوكشتاين، إذ أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر توسيع العملية العسكرية على الجبهة الشمالية ونقلت عنه قوله “نحن بصدد عملية واسعة وقوية في الجبهة الشمالية مع لبنان”.

وتزامن ذلك مع انعقاد اللجنة الخماسية على مستوى السفراء المعتمدين في بيروت، السبت الماضي في قصر الصنوبر وهي تضم سفراء الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر. وأفادت معلومات عن الاجتماع أن السفراء اتفقوا على مواصلة الاتصالات في ما بينهم ومع القوى السياسية اللبنانية لمحاولة ايجاد سبيل إلى فتح ثغرة في جدار الرئاسة. ووفق ما صدر عن الاجتماع فقد “تم خلاله التشديد على أهميّة انتخاب رئيس للجمهورية لأن هناك خطراً على لبنان بسبب الشغور الرئاسي الذي يدفع ثمنه لبنان واللبنانيون”. وشكّل الاجتماع “فرصة للتشديد على وحدة اللّجنة الخماسيّة، إذ شكّل انعقاده أهميّة بحكم الفترة التي مرّت”. كما جرى “التشديد على مواكبة اللبنانيين لإيجاد حلّ للشغور الرئاسي”، وعبّر المجتمعون عن وجهة نظر المجتمع الدولي بأن الأوضاع “لا يمكن أن تظل على حالها”.

الغزو الأسوأ”

أما في المواقف المتصلة بالأزمة، فبرز موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس إذ لفت إلى أن “هناك مكوّنات تريد لبنان الكبير أرضاً شاغرة لمشاريعها، ومن دون دولة ونظام ودستور وقانون. تفضّله مساحة تُفرز عقاريّاً، لا وطناً يضمّ وجدانيّا”. وقال: “هناك فرق كبير بين الإعترافِ بلبنان والإيمان به.

وهناك فارق بين معيار الولاء للبنان وما نتمثّل فيه: ففي الحالة الأولى إيمان مطلق بلبنان في ما يمثّل بحدّ ذاته، وفي الحالة الثانية حساب ربح وخسارة. وهذه بكل أسف حالتنا في لبنان. دافعنا جميعًا عن لبنان بمقدار ما نحن موجودون فيه، لا بمقدار ما هو موجود فينا. وحين كلّ مكوّن لبنانيّ بدأ يشعر أنّ لبنان هو لمكوّن آخر – وهذا منطق تقسيميّ وامتلاكيّ – لم يعد لبنان لأحد، فتوزّعت المكوّنات بقاياه كالغزاة الذين ينهبون بلداً لا يملكونه ويضطهدون شعباً اجتاحوه”. واعتبر أنّ “اللبنانيّين يتعرّضون لغزو أسوأ من الإحتلال. هذه الحالة الغريبة والفريدة أضعفت إيمان اللبنانيّين بوطنهم. فالذين هاجروا غادروا لعدم إيمانهم بمستقبل لبنان. بقاء لبنان رهن بتغيير المسار الإنحداريّ بانتخاب رئيس للجمهوريّة، يعود بنا إلى جوهر الشراكة الوطنيّة، واعتبار دولة لبنان الكبير هي المنطلق وهي مرجعيّة أي تطوّر وطنيّ”.

مناشير ولغط إسرائيلي
على الصعيد الميداني، كان التطور الأشد اثارة للغرابة اللغط داخل إسرائيل حول إلقاء منشورات فوق الوزاني تدعو أهالي وسكان هذه المنطقة وجوارها الى إخلائها. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنّ هذه الخطوة “جاءت بمبادرة من اللواء 769 وأن الجيش والمستوى السياسيّ لم يُوافقا على رمي المناشير”. واكد الجيش الإسرائيليّ لهيئة البثّ الإسرائيلية أن “لا أوامر بإخلاء منازل في جنوب لبنان”، وأفاد أن الحادثة سيتم التحقيق فيها. كما أشارت صحيفة “معاريف” إلى أنّ “قائد لواء في الجيش الإسرائيلي وزّع على عاتقه بيانات تدعو سكان قرى في جنوب لبنان إلى مغادرتها”. وأفادت معلومات أن المسيّرة التي ألقت مناشير على الوزاني سقطت داخل الحدود اللبنانية.

وجاء في نصّ المنشور الذي ألقاه الجيش الإسرائيلي: “إلى جميع السكان والنازحين في منطقة مخيمات اللجوء، يُطلق “حزب الله” النيران من منطقتكم… عليكم ترك منازلكم فوراً والتوجه شمال منطقة الخيام حتى الساعة الـ4 مساءً وعدم الرجوع إلى هذه المنطقة حتى نهاية الحرب. من تواجد في هذه المنطقة بعد هذه الساعة، سيُعتبرُ عنصراً إرهابياً وستُستباح دماؤه”. وختم المنشور إن “الجيش الإسرائيلي سيعمل بقوة للتأكد من إخلاء المنطقة من السكان”. وأفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” اللبنانية الرسمية بأن أهالي بلدة الوزاني رفضوا الرضوخ للتهديدات الإسرائيلية ومغادرةالمنطقة وقد غادر معظم النازحين السوريين البلدة فيما صمد أهاليها.

وأشارت وسائل إعلام إسرائيليّة، صباح أمس الى سقوط طائرة مُسيرة في مستوطنة المطلة الإسرائيلية المحاذية للحدود مع لبنان.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الطائرة وصلت إلى المطلة آتية من لبنان، مشيرة إلى أن حادثة سقوطها لم تُسفر عن سقوط إصابات، لكنها ألحقت أضراراً بالممتلكات. وسجل إطلاق أكثر من 30 صاروخاً من جنوب لبنان في اتجاه الجولان والجليل الأعلى، ودوت صفارات الإنذار في الجولان الشمالي خشية تسلل مسيّرات.
إلى ذلك، شن الجيش الإسرائيلي غارات على قرى وبلدات جنوبية منذ الصباح، وقصفت المدفعية كفركلا والعديسة ما أدى إلى سقوط 4 جرحى في العديسة من المدنيين أثناء إخلاء الأهالي الأثاث من منازلهم، كما قصفت المدفعية الإسرائيلية مركبا ورب ثلاثين.

وفي المقابل، أعلن “حزب الله” أنه رداً على ‌‌‌اعتداء الصرفند “قصفنا مقر كتائب المدرعات التابع للواء 188 في ثكنة “راوية” بعشرات صواريخ الكاتيوشا”، كما قصف التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا بصاروخٍ موجه. وأعلن استهداف المرابض في الزاعورة بالأسلحة الصاروخية.

(النهار)

Leave A Reply