الجمعة, سبتمبر 27

برّي يتولى بتنسيق أميركي مبادرة حلّ وميقاتي في نيويورك لتسويقها

في الوقت الذي تستمر فيه الكلمة للميدان في ظلّ استمرار حدة المواجهات بين إسرائيل و”حزب الله”، مترافقة مع تصعيد في حجم ووتيرة الاعتداءات الاسرائيلية، بدا أن الحركة السياسية والديبلوماسية الخارجية ارتفعت وتيرتها في اتجاه التوصل إلى ما يوقف الآلة العسكرية على ضفتي المواجهة بين إسرائيل والحزب، خصوصاً أن حصيلة الميدان لا تزال لمصلحة إسرائيل نتيجة غياب التوازن في معارك غير متكافئة بين الجانبين.

لا يعني هذا أن الجهد السياسي والدبلوماسي الجاري سينتظر أن يحسم الميدان المعركة. ولذلك، أتت الجلسة الطارئة لمجلس الأمن أمس، والتي دعت إليها فرنسا، واستدرك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الوقت متوجهاً إلى نيويورك لإلقاء كلمة لبنان فيها، وإجراء سلسلة من اللقاءات والمشاورات، معطوفة على مساعٍ تبذلها واشنطن على أكثر من اتجاه، لتحرك الجمود وتكسر حال الترقب والرصد السائدة منذ تجاوز المواجهات قواعد الاشتباك وبلوغها مرحلة استهداف المدنيين وتهجير السكان وتدمير القرى والمدن، على نحو بدأت تتبلور فيه الاستراتيجية الإسرائيلية الرامية الى تحويل الجنوب وربما أبعد إلى شبيه لغزة، ولا سيما مع إصرار الحزب وتمسّكه بربط الجبهة الجنوبية بها.

في الحراك السياسي والديبلوماسي، الغربي والعربي عموماً والأميركي على وجه الخصوص، اتجهت الأنظار أمس إلى نيويورك وما تحمله الاتصالات هناك، ولا سيما أن الحركة على المستوى المحلي التي تمثلت بزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أو البعثة الأمنية القطرية التركية المشتركة لبيروت، في مسعى لخفض التصعيد وبلورة تسوية تفضي إلى وقف النار، لم تثمر نتائج عملية حتى الآن وهي تصبّ في إطار مواكبة الحركة الخارجية.

بحسب المعلومات المتوافرة لـ”النهار”، ثمة اتصالات كثيفة وعمل جدّي تقوده واشنطن من أجل التوصّل إلى تسوية عمادها التطبيق الفوري لقرار مجلس الأمن ١٧٠١، في مرحلته الأولى، أي انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، على أن يأتي الكلام عن سحب السلاح في مرحلة ثانية، وربما هذا هو السبب الذي دفع الزعيم الدرزي إلى تسليط الضوء على اتفاق الهدنة في مقترحه للحل.

لكن رئيس المجلس نبيه بري الذي يتولى تنسيق الموقف بين الحزب والجانب الأميركي من جهة وميقاتي الموجود في نيويورك من جهة ثانية مع الأطراف الدوليين المشاركين في إنضاج تسوية، نفى أن يكون هناك أي فصل بين جبهة لبنان وجبهة غزة، مؤكداً لـ”النهار” أن المسعى لا يفصل بين المسارين. وقال “إن ثمة حركة سياسية وديبلوماسية كثيفة تجري حالياً بين لبنان ونيويورك بالتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال الموجود هناك، من أجل العمل على خفض التصعيد في لبنان”.

وكشف لـ”النهار” أن “هذه الاتصالات تأتي استكمالاً لما كان قد بدأ مع الجانبين الفرنسي والأميركي، ولا سيما خلال المحادثات الأخيرة مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين في بيروت”، متوقعاً “أن تتبلور نتائج هذه الاتصالات خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن المنعقدة بناءً على طلب فرنسا وتبحث في الوضع في لبنان”. وإذ رفض بري الكشف عن مضمون الموقف وما إن كان على شكل قرار يصدر عن مجلس الأمن يلحظ وقفاً للنار وتطبيق القرار ١٧٠١، اكتفى بالإشارة إلى “أن ما سيصدر سيرسم سكة الحلّ”، نافياً ما تردّد عن أن أي اتفاق سيلحظ فصلاً بين جبهة لبنان وجبهة غزة.

وفُهم من كلام بري أنه يعوّل كثيراً على موقف أو قرار دولي عن جلسة مجلس الأمن، من دون أن يقدم أي شروح إضافية. لكن معلومات من أروقة الامم المتحدة كشفت أن القرار سيلحظ تزامناً أو توازياً بين مساري غزة ولبنان.

وكان واضحاً من السفر المفاجئ لرئيس الحكومة إلى نيويورك أنه حصل بناءً على الحراك السياسي والديبلوماسي الجاري في أروقة الأمم المتحدة في نيويورك واللقاءات التي سيعقدها هناك، فضلاً عن توقع لقاء بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون الذي بادرت بلاده إلى طلب انعقاد الجلسة الطارئة فيما موفده الشخصي جان إيف لودريان يجري محادثات مع الأطراف اللبنانية في بيروت، بالتزامن مع تحرك الوفد الأمني القطري التركي.

وتوقفت مصادر سياسية عند حراك بري ومبادرته إلى الكشف عن مساعٍ للحل، لافتة إلى أن الأجواء اليوم تعيد التذكير بالأجواء التي سبقت صدور القرار ١٧٠١، والتي اعترض فيها الحزب على ما قامت به الحكومة حينها، مشيرة إلى أن تولّي الرئيس بري التفاوض يشير إلى الرغبة الدولية عموماً والأميركية خصوصاً في أن يأتي الالتزام بالقرار الدولي من الفريق المعني بالتنفيذ لا من الحكومة التي ستكون في حالة عجز عن القيام بأيّ تعهّدات لا يمكنها الالتزام بها.

 سابين عويس – النهار

Leave A Reply