الجمعة, سبتمبر 27

غرفٌ سوداء تحاول ضرب الإجماع الوطني حول النازحين.. وطرابلس لا تضيّع البوصلة!

قبل أن تُقدم إسرائيل على توسيع الحرب على لبنان، بدأت بعض الغرف السوداء بناء لأمر عمليات واضح المرامي والأهداف والتوجه ببث كل ما من شأنه أن يعمق الخلافات بين اللبنانيين عموما وبين السنة والشيعة على وجه الخصوص بما في ذلك إعادة تفعيل وبث بعض الفيديوهات القديمة وإطلاق الفبركات التي تثير الفتنة المذهبية وتثير النعرات الطائفية.

بدا واضحا من كل ذلك، أن إسرائيل المأزومة والمهزومة في غزة وفي جبهة الاسناد، تريد التفتيش في لبنان عن صورة إنتصار كبدل عن ضائع، وتخشى هذا الالتفاف الشعبي حول المقاومة والوحدة الوطنية التي تجلت بأبهى صورها، خصوصا بعد مجزرتيّ “البايجر والأجهزة اللاسلكية” اللتين إرتكبتهما، وسارع اللبنانيون بكل طوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم السياسية الى فتح المستشفيات والتبرع بالدم وصولا الى تسجيل الأسماء لتقديم “القرنيات” للمقاومين الذين فقدوا أعينهم.

مع توسع العدوان الصهيوني هبّ اللبنانيون لمساعدة إخوانهم في الوطن الهاربين من جحيم الحرب في قرى وبلدات الجنوب وضاحية بيروت والوقوف الى جانبهم في محنتهم، حيث سارعوا الى فتح المؤسسات والمراكز وإيجاد الشقق السكنية والقاعات لإيواء النازحين، وباشرت الجمعيات الأهلية والمدنية بالتعاون مع بعضها البعض ومع الهيئة العليا للاغاثة بتأمين كل مستلزمات ومتطلبات النازحين وتوفير الطمأنينة والاستقرار لهم، وذلك من بيروت الى جبل لبنان، فالبترون والكورة وطرابلس وزغرتا والضنية وسائر المناطق التي إحتضنت النازحين.

أكملت هذه الهبّة المشهد الوطني.. مقاومة تتصدى للعدوان، رئيس حكومة يتابع الاتصالات الدبلوماسية في مراكز القرار في نيويورك ويضغط لوقف العدوان بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب، وحكومة تتحمل مسؤولياتها في معالجة الأزمات الصحية والاجتماعية وجيش جاهز للتدخل عندما تدعو الحاجة، وشعب “كالجسد الواحد اذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمّى”.

يبدو أن هذا المشهد الوطني قد إستفز بعض إصحاب الرؤوس الحامية المرتبطين بالسفارات أو بجهات خارجية، فسارعوا الى إعادة تحريك بعض الغرف السوداء وضعاف النفوس من أجل اللعب على الأوتار المذهبية مجددا بهدف ضرب هذه الصورة من خلال النفخ في بوق الفتنة المذهبية في الداخل اللبناني عبر بعض الموتورين الذين حاولوا الاصطياد بالماء العكر، وتعكير الأجواء الايجابية بين اللبنانيين، لا سيما في طرابلس التي قدمت النموذج الأجمل في التلاحم والتعاضد والبذل من أجل تأمين أفضل إستضافة للنازحين، فعبرت المدينة بأهلها وجمعياتها ومكوناتها عن حسّها الوطني والقومي وعن التزامها بقضية فلسطين والعداء لاسرائيل ومواجهة عدوانها على لبنان بكل مندرجاته بما في ذلك فتح ذراعيها لاستقبال ببيئة المقاومة والاهتمام بها.

لا شك في أن طرابلس التي حاول كثيرون على مدار سنوات خلت إلباسها قناعا ليس لها، تؤكد في كل مرة أنها المدينة الوطنية التي لا تضيّع البوصلة ولا تتخلى عن ثوابتها ومبادئها وعن تقديم الدعم لكل من يواجه العدو الاسرائيلي.

وكما هي العادة في مثل هذه الاستحقاقات الوطنية، حاول موتورون إظهار طرابلس على غير حقيقتها تنفيذا لأجندات فتنوية خارجية، وذلك من خلال بعض تصرفات غير مسؤولة ورفع شعارات في غير محلها، ولا تخدم التوجه الوطني للمدينة التي وضع أهلها هذه المحاولات برسم الأجهزة الأمنية والعسكرية التي لا يحق لها التهاون في تجاوزات من هذا النوع، لأن تكرارها أو توسعها سيؤدي الى إستبدال الجبهة مع العدو الاسرائيلي بفتنة داخلية قد تكون أخطر من العدوان، وهذا ما يريده العدو للخروج من الأزمات التي يواجهها.

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply