قدمت إيران جرعة معنوية وقوة دفع لمحور المقاومة بعد إغتيال أمين عام حزب الله السيد الشهيد حسن نصرالله، والعنجهية الاسرائيلية التي بلغت مداها، وذلك بتنفيذ ردها المنتظر على إسرائيل منذ إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية.
جاء رد إيران ليخرجها من حالة الاحراج التي حشرت نفسها فيها، ومن إطار الاتهامات التي لفها طيلة الفترة الماضية، خصوصا بعد الحديث المتنامي في طهران عن أنها تعرضت لخداع وتضليل من الادارة الأميركية حول إعتماد الحوار والمفاوضات مع حماس وضرورة التهدئة للوصول الى وقف إطلاق النار، ليتبين أن نتنياهو كان يشتري الوقت من أميركا للقيام بعمليات إغتيال تغطي فشله في تحقيق أهداف الحرب.
أثبت الرد الايراني الفشل الاسرائيلي مجددا على الصعيد الاستخباري وفاعلية الدفاعات الجوية التي إخترقتها الصواريخ الباليستية وحققت أهدافها بإصابة القواعد والمراكز العسكرية، حيث أخفق الموساد في تحديد زمن وصول الصواريخ التي طالت كل الأراضي الفلسطينية، وتبين أن إسرائيل من دون دعم حلفائها لا تستطيع أن تواجه أي قوة عسكرية.
سحب الرد الايراني بساط العنجهية وإدعاء الانجازات من تحت أقدام نتنياهو الذي كان يستعد من خلال البروباغندا الاعلامية التي عاشها بنشوة القوة الى إعلان إنتصار إسرائيل في ٧ أكتوبر الجاري (ذكرى مرور سنة على طوفان الأقصى)، لكن بعد الفشل الجديد في مواجهة الرد الايراني سيكون نتنياهو في موضع مساءلة المجتمع الاسرائيلي، لجهة: ماذا فعلتَ بإسرائيل التي ينام مستوطنوها في الملاجئ وتواجه شللا إقتصاديا كبيرا وواسعا وتتعرض للاستهداف؟، وأين الحماية التي كان يدعي تأمينها للكيان؟، وأين أهداف الحرب التي أعلنها في بداية الحرب؟، ولماذا لم يتم القضاء على حماس؟ ولماذا لم يتم استعادة الأسرى الذين يُقتلون تباعا بالنيران الاسرائيلية؟، وأين وعد إعادة النازحين الى مستوطنات الشمال في الوقت الذي يتجه فيه أكثرية الاسرائيليين نحو النزوح من مستوطناتهم؟..
كل ذلك، يؤكد أن الرد الايراني بالتزامن مع توسيع رد المقاومة الاسلامية في لبنان، قد أعاد نتنياهو الى “المربع الأول” في مواجهة المحاسبة والمحاكمة على كل الاخفاقات العسكرية منذ عملية طوفان الأقصى.
كسائر الاسرائيليين إختبأ نتنياهو ووزير حربه غالانت في غرف محصنة في وقت كان فيه مقاومان ينفذان عملية بطولية في يافا أسفرت عن مقتل ٨ أشخاص وجرح ١٢ شخصا، فيما كانت صواريخ إيران تضيء سماء فلسطين المحتلة وتصلدالى أهدافها، وما لم تستهدفه إيران تكفل به حزب الله الذي وبحسب محللين عسكريين طالت صواريخه مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
قبل أيام وفي ظل النشوة التي كان يعيشها تشدق نتنياهو بالقول، “أن إسرائيل تحارب على سبع جبهات” مؤكدا أنها “ستواجه كل من يتعرض لها”، ضاربا بعرض الحائط كل الوساطات الدولية والأممية لوقف إطلاق النار وإعادة الهدوء الى منطقة الشرق الأوسط، في حين وضعت التطورات الميدانية إسرائيل أمام خيارين أولهما أن تستوعب الضربات وتماطل في الرد لعدم استدراج ضربات جديدة بحسب التهديدات الايرانية الواضحة، أو الرد سريعا بدعم من الجيش الأميركي الذي لم تستثنه التحذيرات الايرانية.
كما أن التعاطي الاسرائيلي مع هذه الضربات سيضع المنطقة أمام خيارين، فإما أن تتدحرج الأمور وتذهب الى حرب إقليمية مفتوحة وطويلة أو أن يركن الجميع الى مفاوضات لوقف إطلاق النار والذهاب بعد ذلك نحو التسويات.
غسان ريفي