عاد الاسرائيليون ليضربوا أخماسا بأسداس، بعدما قادهم رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو بغطرسته وعنجهيته الى “فخ” الغزو البري الذي أعدت المقاومة الاسلامية برجالها وأسلحتها وخططها العدة للثأر من العدو.
إنشغل الصهاينة خلال الساعات ال 48 الماضية في إحصاء عدد القتلى والجرحى من ضباط جيشهم وجنوده وقوات النخبة، والاطلاع على حجم التدمير الذي تعرضت له الدبابات والآليات في العديسة ومارون الراس ويارون وكفركلا وغيرها حيث نفذت المقاومة أكثر من 17 عملية تصدت خلالها لمحاولات التسلل ونجحت في صدّ العدوان.
بالرغم من التكتم الشديد للعدو الاسرائيلي على الخسائر التي تلحق به، لم يستطع إخفاء عدد قتلاه وجرحاه، فحرص على كشف الحد الأدنى منهم وكان الرقم صادما، بعدما وقع الجيش الصهيوني في كمائن المقاومة التي أعدتها سلفا بانتظار قيامه بهذه المغامرة وتعرضت تجمعاته لقصف مدفعي وصاروخي ما جعل تهديد نتنياهو بغزو لبنان ينقلب عليه وعلى اسرائيل التي تستعد لاستقبال كمّ كبير من صناديق جثث ضباطها وجنودها، ما سيبدل من المشهد الداخلي في الكيان الغاصب.
لا شك في أن ما حاول نتنياهو إظهاره من “إنجازات وقوة وقدرة على التحكم بالميدان” على مدار أسبوعين على وقع إرتكاب مجزرتيّ البايجر والأجهزة اللاسلكية وإغتيال قادة المقاومة وصولا الى “سيدها الشهيد”، ومن فرض شروط حول إنشاء المنطقة العازلة جنوبا وتراجع حزب الله الى ما بعد شمال الليطاني وتسليم سلاحه، كل ذلك إنهار في ليلة واحدة بفعل حدثين بالغي الأهمية:
الأول: الرد الايراني بالصواريخ الباليستية التي أصابت بنحو 80 الى 90 بالمئة أهدافها من المطارات والقواعد العسكرية والاستخبارية وتدمير عدد لا يستهان به من طائرات F35، والآليات العسكرية، وهو كان كفيلا بإظهار فشل الدفاعات الجوية الاسرائيلية التي أخفقت في حماية الأماكن المستهدفة.
واللافت، في هذا الحدث والذي يمكن البناء عليه، هو الموقف الأميركي الخجول من الرد الايراني على إسرائيل، والذي يؤكد أن الولايات المتحدة الغارقة في إنتخاباتها الرئاسية لا تريد حربا في المنطقة ولن تسمح لنتنياهو بإستدراجها الى حرب مع إيران في هذا التوقيت، الأمر الذي شكل خيبة أمل لنتنياهو المهدد في حال الرد على إيران، بصليات من الصواريخ مدمرة تطال البنى التحتية والمرافق الحيوية.
والثاني: إستعادة المقاومة الاسلامية في لبنان زمام المبادرة وتجاوزها كل الضربات الموجعة التي تعرضت لها، حيث نجحت في تغطية ما يقارب 6700 كيلومترا من الأراضي الفلسطينية المحتلة بصواريخها ومسيراتها التي أصابت أهدافها والحبل على الجرار، كما شكلت صدمة كبرى للجيش الاسرائيلي على الحدود اللبنانية الفلسطينية والتي ستتحول الى مقبرة للضباط والجنود الصهاينة في حال أصرّ نتنياهو على الاستمرار في محاولات الغزو البري.
أمام هذا الواقع الذي إنقلب فجأة ضد نتنياهو المهدد في 7 أكتوبر (ذكرى مرور سنة على طوفان الأقصى) بكمّ هائل من الأسئلة والمساءلة من المجتمع الاسرائيلي حول أهداف الحرب، من القضاء على حماس، الى إستعادة الأسرى الاسرائيليين بالقوة، الى تأمين أمن المستوطنات الشمالية الى غزو لبنان الذي أنقلب فيه السحر على الساحر، يلجأ رئيس حكومة الاحتلال الى الانتقام من بيئة المقاومة في لبنان.
وقد تمثل ذلك بقصف هستيري ليل أمس على الضاحية الجنوبية لبيروت ومحيطها وبتدمير ممنهج للأبنية السكنية، وإستهداف الهيئات الصحية وفرق الاسعاف، ما يؤكد أن ما يخسره نتنياهو في الميدان يحاول تعويضه بالتدمير الذي أثبتت الوقائع في غزة أنه لا يحقق إنتصارا في ظل الاخفاق في تحقيق أهداف الحرب!..
غسان ريفي – سفير الشمال