أكثر من رسالة أراد العدو الإسرائيلي أن يبعث بها من خلال استهدافه منزلاً في بلدة أيطو الزغرتاوية يأوي عائلات نازحة من بلدة عيترون الجنوبية، والتي أدت إلى سقوط 23 شهيداً و6 جرحى، فضلاً عن دمار تام أصاب المنزل وحوّله ركاماً، وتضرّر عدد من المنازل القريبة منه.
هذه الرسائل التفجيرية التي أرسلها العدو يمكن حصر أبرزها بما يلي:
أولاً: أراد العدو من خلال غارته على أيطو والمجزرة التي ارتكبها فيها توجيه رسالة إلى حزب الله بأنّ لا بيئة حاضنة له في بقية الطوائف بمأمن من شرّه. ففي حين شملت غاراته السابقة المدن والبلدات والقرى والمناطق ذات الأغلبية الشيعية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وجبل لبنان، وجّه ضرباته العدوانية لاحقاً نحو المناطق السنية، في بيروت تحديداً، وبعض القرى الأخرى مثل برجا في إقليم الخروب بمنطقة الشّوف، وبلدات درزية في الشّوف وعالية، قبل أن يعتدي على أيطو، وهي أول بلدة مسيحية يعتدي عليها، بعدما لمس حجم التضامن والتعاطف الإنساني والسّياسي في مختلف المناطق مع النّازحين من مناطق يعتدي عليها ويُهجّر سكانها.
ثانياً: ليس خافياً أنّ العدو الإسرائيلي يسعى بكلّ جهد لتحريض البيئات الحاضنة لحزب الله عليه، ودفعها نحو التخلّي عن فكرة المقاومة والتهجّم عليها وانتقادها، وتصويرها على أنّها الخطر الأكبر المحدق بلبنان، وليس احتلاله لأرضه واعتدائه عليه، واستمرار عدوانه على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود ونيّف، والسعي وراء بثّ بذور الفتنة بين اللبنانيين من خلال تحريضه على المقاومة، إثر التعاطف الكبير في مختلف الأوساط اللبنانية مع عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة في 7 تشرين الأول العام الماضي، والدعم الواسع لها، ووقوف شرائح عديدة في الشّارع اللبناني تؤيد حرب الإسناد والدعم التي تقوم بها المقاومة اللبنانية دعماً للمقاومة في قطاع غزّة ودفاعاً عن لبنان.
ثالثاً: باعتدائه على أيطو وارتكابه مجزرة رهيبة فيها، يكون العدو الإسرائيلي قد قام باستهداف جميع المناطق اللبنانية، ولم يترك أيّاً منها بلا آثار لجرائمه وعدوانه. ذلك أنّه حتى مطلع الشّهر الجاري كان الشّمال بمنأى عن أيّ عدوان إسرائيلي عليه، ما جعل الغالبية العظمى من النّازحين تتوجّه إلى المناطق الشّمالية باعتبارها الأكثر أمناً، إلى أن شنّ العدو الإسرائيلي باكورة عدوانه عليه في 5 تشرين الأول الجاري باعتدائه على مخيّم البدّاوي واغتياله فيه مسؤولاً في حركة حماس، ألحقه باعتداء آخر على بلدة دير بيلا في البترون في 12 الجاري، وصولاً إلى اعتدائه أول من أمس على أيطو.
رابعاً: توسيع العدو الإسرائيلي رقعة إعتدائه على مناطق لبنانية بعيدة عن خطوط المواجهة مع المقاومة، كما حصل في الشّمال، يبدو أنّ الهدف منها تحويل الأنظار عن ما يتكبده من خسائر على جبهة الجنوب التي لم يستطع اجتياحها كما هدّد مراراً، وتهديده قوات اليونيفيل بالإبتعاد عن الحدود خمسة كيلومترات على الأقل، والضربة النوعية التي وجهتها المقاومة إليه أول من أمس بضربها قاعدة عسكرية جنوب حيفا، وسقوط قتلى وجرحى في صفوف جيش العدو، ما أصابه بنكسة مادية ومعنوية تعدّ الأكبر من بدء عدوانه.
عبدالكافي الصمد