الأربعاء, أكتوبر 16

الأهداف الاسرائيلية.. وواقع الميدان!

تزدحم وسائل الاعلام العالمية والعربية بالتصريحات الصادرة عن رؤساء وسفراء ومندوبي معظم دول العالم، والتي تؤكد جميعها على “ضرورة خفض التصعيد ووقف إطلاق النار في لبنان” بما يضع حدًا للعدوان الاسرائيلي الوحشي عليه.

هذه التصريحات لم تخرج عن نطاقها الانشائي والعاطفي، وهي تشكل ما يُعتبر “أضعف الايمان” أمام الغطرسة الاسرائيلية التي تضرب بعرض الحائط كل المواقف والقرارات والاقتراحات الدولية، وصولا الى تهديد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قوات اليونيفل العاملة في لبنان ودعوته أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش الى سحبها من مراكزها التي تتطلع اسرائيل الى إحتلالها كبدل عن ضائع بعد الفشل الذريع الذي منيت به على مدار أسبوعين في التقدم نحو الشريط الحدودي وإحتلال جزء منه، وذلك بفعل تصدي المقاومة التي يحول رجالها دون تحقيق هدف أساسي من أهداف الحرب الاسرائيلية على لبنان.

لا يختلف إثنان على أن العدو الاسرائيلي الذي فشل في تحقيق أهداف حربه على غزة لجهة القضاء على حركة حماس وإستعادة الأسرى الاسرائيليين لديها، سيكون من المستحيل عليه تحقيق أهداف حربه على لبنان لجهة إعادة النازحين من المستوطنين الى منطقة شمال فلسطين المحتلة بأمان، وإيجاد منطقة عازلة وإجبار حزب الله على التراجع الى ما بعد شمال نهر الليطاني.

وتؤكد وقائع الميدان أن موازين القوى العسكرية لا تسمح لإسرائيل بتحقيق أي من هذه الأهداف، خصوصا أن ما لم يستطع العدو إنجازه في الأيام الأولى للعدوان وفي ذروة تأثر المقاومة وإرتباكها بالضربات التي تلقتها على أكثر من صعيد، سيعجز اليوم عن الوصول إليها مع إستعادة المقاومة عافيتها، وحفاظها على القيادة والسيطرة وعلى التنسيق بين كل قطاعاتها، وإنطلاق عملياتها النوعية سواء في التصدي لمحاولات الغزو الاسرائيلي للقرى الحدودية وإلحاق الخسائر الكبرى في صفوف العدو من ضباط وجنود ودبابات وآليات، أو في الصليات الصاروخية التي ترسلها على مدار الساعة وتحقق أهدافها في المستوطنات المستهدفة، ولعل ما شهدته عملية بنيامينا في جنوب حيفا من تقنية عالية تمثلت بدخول المسيرة الى قاعة طعام الجيش الاسرائيلي وإنقضاضها على العشرات من الجنود الصهاينة، هي أكبر دليل على أن المقاومة إنتقلت من مرحلة تجميع القدرات الى مرحلة الاستهداف المباشر بهدف الضغط على إسرائيل والذي يفوق بأضعاف مضاعفة الضغط الذي تحدثه تصريحات بعض الدول والتي لا يقيم نتنياهو لها أي وزن.

ولعل ما قاله نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في إطلالته المتلفزة أمس، والتي بدا فيها أكثر إرتياحا وتماسكا وثقة، يترجمه الميدان بشكل تدريجي لا سيما لجهة البدء بمرحلة إيلام العدو ودفعه الى الرضوخ لوقف إطلاق النار، على غرار ما شهدته حرب تموز ٢٠٠٦ في مجزرة دبابات الميركافا في وادي الحجير.

بالأمس، أكد الشيخ قاسم أن الكلمة هي للميدان الذي يؤكد عجز العدو الاسرائيلي عن تحقيق أهدافه، موجها رسائل عدة:

أولا للداخل، بأن من يراهن على إنهيار المقاومة أو ضعفها أو هزيمتها تمهيدا للاستثمار السياسي وتحقيق المكاسب هو واهم وأن هذه المقاومة باقية على رأس وصدر من لا يريدها.

وثانيا للخارج، بأن الفشل يلاحق إسرائيل العاجزة عن تقديم أي إنجاز لمجتمعها أو لداعميها، وبالتالي فإن إعادة المستوطنين الى منطقة شمال فلسطين يحتاج الى مفاوضات، والى وقف إطلاق نار وسلام وليس الى حرب.

وثالثا الى بيئة المقاومة، واصفا إياها بالأطهر والأشرف، وداعيا الى مزيد من الصمود، مؤكدا على عودة العائلات الى بلداتها وقراها وعلى إعادة إعمار منازلها.

رابعا للبيئة الحاضنة لبيئة المقاومة التي تجسد الوحدة الوطنية وتقدم أنبل المواقف وتمنع على إسرائيل تحقيق هدف جديد وهو إثارة الفتنة بين اللبنانيين.

كل ذلك يضع العدو الاسرائيلي أمام حقيقة يرفض الاعتراف بها، وهي أن عدم تحقيق أهداف الحرب يعني في العلم العسكري الهزيمة، وأنه لا يمكن تحقيق أي إنتصار بالاغتيالات وقتل المدنيين وإستهداف الأبنية السكنية والمستشفيات والمدارس ومراكز الايواء ودور العبادة، ما يجعل الحرب التي يصر على الاستمرار بها عبثية ولا أفق لها!..

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply