الجمعة, أكتوبر 18

بين غزة ولبنان عام من الحرب.. هل حقّقت إسرائيل أهدافها؟

كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء “

 

بين السابع من أكتوبر عام 2023، والعام 2024 اثنا عشر شهراً، يمثلون الحرب الأطول في تاريخ الشرق الأوسط على الإطلاق، مع ما حملته من إمعان وإيغال إسرائيلي في سفك دماء الأطفال والنساء والشيوخ، والتدمير الممنهج في غزة وفي جنوب لبنان وبقاعه وفي بيروت وضاحيتها الجنوبية.

تقول الأوساط المتابعة: ان كل العناوين التي وضعها العدو الإسرائيلي كهدف لحربه، وخاصة منها القضاء على «حماس» واستعادة الأسرى من جنوده، بالإضافة الى إبعاد «حزب لله» الى شمال نهر الليطاني، وتجريده من السلاح، باءت بالفشل؛ وما يفسر ذلك بحسب المتابعين، هو رفع سقف الشروط التي وضعها رئيس حكومة الحرب، ما يشير الى ان نتنياهو يصعّد في مطالبه الى الأقصى لكي يحصل على الأدنى؛ هذا إذا حصل برأي المتابعين، لان واقع الميدان قد يخلط الأوراق. استنادا الى الخسائر التي استهدفت جنوده وضباطه وآلياته المحتشدة خلف جدار الفصل بين لبنان وفلسطين المحتلة، والتي لم تفلح قوات النخبة من «لواء غولاني» و«فرقة الايغوز» الخاصة من احداث أي تغيير فيها، وفي واقع الجغرافيا على الأرض عند جميع المحاور التي حاول الاحتلال التوغل منها نحو الأراضي اللبنانية، بدءا من كفركلا الى العديسة مرورا ببليدا ومارون الراس، وليس آخرها منطقة اللبونة في القطاع الغربي مقابل راس الناقورة. هذا بالإضافة الى استهداف المقاومة قاعدة «بنيامينا» شرق مدينة حيفا، حيث استهدفت بمسيّرة انتحارية مقر «لواء غولاني» و«فرقة ايغوز» والتي أسقطت خلالها المقاومة أكثر من سبعين إصابة بين قتيل وجريح، ما جعل إسرائيل أمام مشهد معقّد في معادلة المدن، أكان بالوسائط النارية أو بالجغرافية. وأضف الى ذلك، العمليتين اللتين نفذتهما المقاومة يوم الاثنين باستهداف القاعدة البحرية «ستيلا مارس» جنوب حيفا وقاعدة «بيت ليد» في نتانيا بعشرات الصواريخ النوعية، ما كلّف الكيان الإسرائيلي عشرات القتلى والجرحى في صفوف ضباطه وجنوده، فيما تقول مصادر موثوقة ان الخسائر أكبر بكثير مما أعلنت عنه إسرائيل، وهذا ما يعكس الموجات الجنونية التي تنفذها المقاتلات الإسرائيلية وغاراتها على معظم المناطق اللبنانية.

إذن، هي الحرب الأطول والأقسى والأكثر دموية في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، والتي بدأت بإسناد ودعم من «حزب لله» للشعب والمقاومة الفلسطينية في غزة، وانتهت بحرب كاملة غير شاملة إذا صح التعبير بين الحزب وإسرائيل.

تصف المصادر المتابعة الحرب بما يصطلح عليه بحرب الإبادة، خصوصا بعدما وصلت المجازر التي ارتكبت فيها، أكان في فلسطين أو لبنان، إلى أروقة المحاكم الدولية، والتي تعدّ بحسب المراقبين بالنقطة الفارقة والمفصليّة، علما أن اليوم التالي لها لا يزال غير واضح المعالم، وإن كان هناك من يسعى ليكون بمثابة شرق أوسط جديد أو تغيير في ديمغرافية المنطقة على المستوى الجيوسياسي وهذا ما ألمح إليه نتنياهو بانبلاج شرق أوسط جديد على قياس المصالح الصهيو-أميركية.

وإذا كان صحيحا أن عملية «طوفان الأقصى» شكّلت سببا مباشرا للحرب، في لحظة نشوة عربية قلّ نظيرها في المواجهات العربية – الإسرائيلية، إلّا ان كثيرين يخشون أن تكون قد تحوّلت إلى انكسار رغم المكابرة التي يصرّ عليها البعض، فإن ما لا يمكن تجاهله هو أنّ الصراع لم يبدأ في السابع من تشرين الأول 2023، بل إنّ «طوفان الأقصى» كان نتيجة لسياسات إسرائيلية، وصلت إلى ذروتها مع الحكومة اليمينية الأكثر تطرّفاً في تاريخ إسرائيل بقيادة صقور التلمود والحريديم.

وفي سياق متصل بكل التطورات الميدانية والسياسية المترتبة على نتائجها الآنية، يقول البعض هناك فرق ما بين السابع من أكتوبر 2023 والسابع من أكتوبر 2024. فقبل عام، شكّلت عملية «طوفان الأقصى» مفاجأة من خارج كلّ التوقعات، بل كانت أقرب إلى الخيال لكن ما يمكن استخلاصه هو ان مسار الجرائم الإسرائيلية لم يقتصر على النواحي البنيوية مع المقاومة في لبنان وفلسطين بل امتد الى اغتيال القادة الكبار وعلى رأسهم أمين عام «حزب لله» السيد حسن نصرلله برفقة قيادات عسكرية ميدانية، بالإضافة الى اغتيال رأس الهيكلية السياسية لحماس إسماعيل هنية في طهران. هذا من جهة، أما من الجهة اللبنانية فيبدو أن السيناريو نفسه يتكرر، ولو بأشكال مختلفة، فما حصل في الأسبوعين الأخيرين فقط كان فادحا، وقد تخطّت فاتورته البشرية تلك التي تكبّدها لبنان على امتداد شهر كامل في حرب تموز عام 2006، لكن فاتورته المعنوية تبدو أكبر، مع الاغتيالات غير المسبوقة للبنية القيادية في «حزب لله»، فضلا عن أزمة النزوح والتهجير، التي تبدو أكبر من قدرة الدولة على مواكبتها، وسط مخاوف من انفجار اجتماعي غير مسبوق في بلد يعاني أصلا من كساد اقتصادي وتردٍّ في المعيشة الاجتماعية وإفلاس في صندوقه السيادي.

وبالتالي يمكن القول انه بعد عام من العدوان ورغم كل التضحيات التي قُدّمت أكان في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة أما في لبنان فلا يزال الأمل معقوداً على أمرين أساسيين وهما:

«صمود المقاومة وتصدّيها للغزو الإسرائيلي الجديد وإفشال أهدافه.

والأمر الثاني هو الالتفاف الشعبي، أقلّه البيئة الحاضنة، وتبنّي الحكومة اللبنانية لما تقوم به المقاومة دفاعا عن لبنان وشعبه وسيادته».

رغم تفلّت آخرين من لسانهم وتحميلها مسؤولية ما حصل انصياعا من هؤلاء لأجندة إعلامية وسياسية مبرمجة ومحددة الأهداف مسبقا خدمة مباشرة أو غير مباشرة للمشروع الإسرائيلي.

Leave A Reply