الخميس, نوفمبر 21
Banner

نتنياهو بين سندان الميدان ومطرقة الاحتجاجات!

يتجنب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في كل إطلالاته الحديث عن أهداف الحرب الأساسية في غزة ولبنان، وهي “القضاء على حماس وإستعادة الأسرى بالقوة، وإحتلال جزء من الشريط الحدودي الجنوبي وإعادة المستوطنين الى شمال فلسطين المحتلة، ودفع المقاومة الى التراجع لما بعد شمال نهر الليطاني”.

ويستعيض نتنياهو عن هذه الأهداف، بشعارات فضفاضة من نوع “حرص إسرائيل على تفكيك محور الشر في المنطقة بقيادة إيران” وهي كلها ممنوعة من الصرف وغير قابلة لأن تتحقق، خصوصا أن نتنياهو ما زال يدفع أثمانا باهظة في غزة، ويواجه إستحالة الدخول الى لبنان حيث تكبده المقاومة يوميا العشرات من الضباط والجنود الذين يخرجون من الخدمة بين قتلى وجرحى، فضلا عن المسيرات التي تصول وتجول في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولم توفر منزله في قيساريا، كما ينضبط نتنياهو في الرد على إيران حيث تمخض جبل تهديداته فولد فأرا، وقد جاء ردّه أقل من كل التوقعات، خشية التهديدات الايرانية برد مزلزل، لا تريده أميركا خشية الانزلاق الى حرب إقليمية لا تريدها عشية إنتخاباتها الرئاسية.

لا شك في أن نتنياهو يصر على الاستمرار في الحرب التي تتحول يوما بعد يوم الى شخصية بدعم من قيادات اليمين المتطرف، خشية الغضب الاسرائيلي عليهم والذي عاد ليفرض نفسه على الكنيست الصهيوني ويترجَم هجوما شرسا للمعارضة على نتنياهو ومطالبته بالرحيل، معتبرة أنه “أسوأ وأضعف رئيس حكومة شهدته إسرائيل وأنه يتسبب بقتل الأسرى ويعرض الكيان الى حرب إستنزاف لن يستطيع الصمود أمامها”، وما يشهده الكنيست الاسرائيلي يترجمه الشارع الى تظاهرات وإحتجاجات على عدم إستعادة الأسرى وتعريض حياتهم للخطر أكثر فأكثر، وللمطالبة بوقف الحرب.

وبالرغم من هذه الضغوط، ما يزال نتنياهو عصيا على الاستجابة لأكثرية المجتمع الاسرائيلي، ما دفع زعيم المعارضة يائير لابيد الى القول: “إن حكومة نتنياهو لا تمتلك الأكثرية الشعبية”.

اللافت في الداخل الاسرائيلي، هو الشرخ الواضح بين نتنياهو وحكومته وبين الجيش الذي بات يدرك أن كل أهداف وشعارات نتنياهو هي مجرد “سراب يحسبه الظمآن ماء”، خصوصا أن فرق الجيش وألويته إختبرت الميدان الذي تلهبه المقاومة وتتصدى لكل محاولات التوغل، وتمارس إستراتيجية “الدفاع المرن” لجهة السماح للجنود الصهاينة من الدخول مئات الأمتار الى القرى والبلدات الحدودية المتقدمة ومن ثم الانقضاض عليهم وإجبارهم على العودة وتسجيل العديد من الاصابات في صفوفهم حيث تعلن إسرائيل يوميا عن مقتل وجرح ما يقارب عشرين الى خمس وعشرين ضابطا وجنديا، إضافة الى تدمير دبابات الميركافا، وهذا الرقم يُفترض أن يُضرب بثلاثة على الأقل نظرا للتعتيم الاسرائيلي الذي يمارسه العدو لكي لا يستفز المجتمع الاسرائيلي أكثر مما هو مستفز اليوم.

يمكن القول، إن نتنياهو الذي يقرأ اللحظة السياسية الأميركية بشكل جيد، سيستمر في الحرب الى موعد الانتخابات الأميركية ليبني على من سيصل الى البيت الأبيض مقتضاه، وليكسب المزيد من الوقت من أجل مواجهة معارضيه في الداخل الاسرائيلي أكثر من سعيه الى تحقيق أهداف الحرب التي يستبدلها بقتل البشر والحجر من دون أي أفق، إلا إذا نجحت المقاومة في تنفيذ عمليات مؤلمة للعدو في الميدان، تضغط على نتنياهو في الداخل، وتجبره على الرضوخ للمفاوضات والى المطالب اللبنانية بوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701، وهذا الأمر ليس صعبا، وربما يتحقق خلال أيام قليلة، ليصبح نتنياهو بين سندان الميدان ومطرقة الاحتجاجات داخل إسرائيل!..

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply