كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: ما حُكي عن تقدم في المفاوضات لوقف إطلاق النار والشروع بتطبيق القرار ١٧٠١، بدّده رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو خلال لقائه الموفدين الأميركيين آموس هوكشتاين وبريت ماكغورك في تل أبيب. فنتنياهو أضاف شروطاً للقبول باقتراح الحل الذي حمله الموفدان الأميركيان، في وقت ترفع آلته العسكرية من ضغوطها على لبنان في محاولة لفرض شروطه من خلال التهجير والتدمير لمناطق واسعة في الجنوب والبقاع.
فالسلبية التي أظهرتها إسرائيل تعني بالدرجة الأولى أن لا اتفاق لوقف إطلاق النار قبل الانتخابات الأميركية، وأن زيارة هوكشتاين إلى بيروت قد لا تتم طالما أن لا جديد يحمله من تل أبيب سوى الشروط التعجيزية. وبالتالي عادت المؤشرات الى احتمالات أن تطول الحرب مع مخاطر توسعها.
وفي هذا السياق، بات محسوماً أن بيروت، التي جددت اسرائيل استهدافها ليل الخميس الجمعة بغارات عنيفة، لن تكون محطة لهوكشتاين، الذي سيعود أدراجه إلى الولايات المتحدة، خالي الوفاض وإن كانت واشنطن حرصت على الإيحاء بأن حلحلة وايجابية شهدتها مفاوضات وقف إطلاق النار، الأمر الذي نسفته تصريحات نتنياهو الذي رفع سقف خطابه أمس، مجدداً تأكيده استمراره في العدوان بحجة استعادة أمن الشمال.
الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد ناجي ملاعب تحدث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية عن ثلاثة أمور تبدو من المسلمات في اتفاق مهمة هوكشتاين. الأولى أن الرجل جاء الى المنطقة بمهمة تخدم فقط حزبه الديمقراطي في الانتخابات الأميركية التي تجري يوم الثلاثاء المقبل. وأنه يقوم بمساعي سلمية ويهتم فيها لإسرائيل ليعيد المستوطنين. المسلّمة الثانية أن الطرف الذي يجتمع به هوكشتاين في إسرائيل هو رئيس الحكومة نتنياهو. فهو لم يعقد أي صفقة حتى الآن رغم مرور سنة وشهر على اندلاع الحرب ولديه أسرى لدى حماس. وبالتالي هو يتهرب من أي صفقة بهذا الاتجاه. المسلّمة الثالثة حتى على المستوى العسكري هناك أصوات في اسرائيل تطالب بالخروج من الحرب خلال أسبوع أو أسبوعين على أبعد تقدير، مقدّراً أن هذا الكلام لا قيمة له لأننا في الميدان نشهد توغلاً اسرائيلياً خاصة في الخيام. وكذلك يستغل عدم تسليم حزب الله كامل أوراقه للسلطة السياسية في لبنان حتى تتصرف دبلوماسياً وتنقذ الوضع. وهذا يخدم النوايا الاسرائيلية الخبيثة بمتابعة الحرب عن طريق العنف هو الحل، مذكراً بما قاله وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت “التفاوض تحت النار” وهذا ما يفعله بمدن كبيرة مثل بعلبك والنبطية وصور بدون الأخذ بعين الاعتبار أهمية هذه المدن وتاريخها والكثافة السكانية فيها.
وفي الشأن الميداني، أشار ملاعب الى تماسك الجبهة. فالمكان برأيه ما زال قوياً والقتال على مسافة قريبة جداً. والالتزام يؤلم العدو وهناك ما لا يقل عن 900 إصابة موجودة في المستشفيات، عدا عن الجنود الـ 64 الذين أصيبوا أول أمس معظمهم من الضباط، لافتاً الى المستوى الثاني من خط الدفاع الذي يعتمده الحزب بنجدة الحافة الأمامية ما زال يفعل فعله. فكل قرية تمكن العدو من التقدم إليها والوصول الى مكان ما يقابل بدعم كبير للحافة الأولى والتصدي لدباباته وإجباره على التراجع.
وقال ملاعب: “حتى الساعة لم يستطع العدو التمركز في أماكن تعتبر خطاً دفاعياً. فقط لديه تواجد على تخوم القرى في عملية الدخول والخروج لا أكثر”.
إذاً الميدان لا زال يفرض إيقاعه، ولا تبدو كل مساعي التهدئة قابلة للتنفيذ الآن. وحتى الرهان على الانتخابات الأميركية فيه الكثير من المبالغة.