ترك العدوان الإٍسرائيلي أثره على جميع القطاعات في لبنان، وقضى على آمال النمو الاقتصادي بعد أن قدرت كلفتها بمليارات الدولارات.
الحرب دمرت قطاعات حيوية كان لها دور في “صمود” ما تبقى من اقتصاد لبناني، وفي مقدمتها السياحة والتجارة والزراعة والصناعات الغذائية، وقضت على مئات المؤسسات خصوصاً تلك المتواجدة في مناطق القتال.
وتقدر خسائر القطاع السياحي بـ 4 مليار دولار تقريباً، وهو الرقم الذي سبق وسجله القطاع خلال حرب العام 2006، ومرحج للارتفاع في ظل استمرار الحرب، ما اضطر عدد كبير من شركات السياحة والسفر إلى إغلاق أبوابها حتى إشعار آخر، فيما عمدت شركات أخرى إلى تقليص مصاريفها فسرحت عدد من موظفيها وطلبت من القسم الآخر العمل عن بعد.
أما على صعيد القطاع الزراعي الذي يسهم بـ 5% من الناتج المحلّي الإجمالي، فقدرت خسائره بأكثر من ميار ونصف المليار دولار، وتراجعت صادراته بشكل ملفت ما أوقع المؤسسات الزراعية بخسائر ضخمة أيضاً واضطر عدد منها للإقفال.
أما بالنسبة للقطاع التجاري فأصبح بـ “الأرض”، فالعدوان الاسرائيلي المستمر أثّر على وضعية الاسواق التي تراجع فيها العمل بين 50% و80% بحسب المناطق، إما بسبب دمار المؤسسات والمحلات التجارية أو بسبب توقف حركة الاستيراد من الخارج فمعظم العمليات التجارية عالقة بانتظار فرج انتهاء الحرب، هذه المؤسسات أيضاً كان لها حساباتها منها من أقفل ومنها من حدد خسائره بتسريح العمال أو تقليص ساعات عملهم وبالتالي تقليص رواتبهم.
هذه عينة عن حال بعض القطاعات، وهو ما يطرح تساؤلات عن مستقبلها في حال استمرار الحرب التي تسبّب شلًلا على مستوى البلاد بأكملها. ومستقبل العاملين فيها.
بدوره، أكد رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بشاره الأسمر في حديث لموقع “الجريدة” أن “القطاعات الاقتصادية تأثرت كثيراً بالحرب الإسرائيلية على لبنان، ما انعكس على العمّال في مختلف القطاعات”.
ولفت إلى أن “هناك العديد من المؤسسات دمرت بفعل الحرب فيما توقفت مؤسسات أخرى عن العمل ما أبقى عدد كبير من العمال في منازلهم بسبب الدمار الذي لحق بمؤسسات عملهم، خصوصاً في المناطق التي اشتد فيها القتال، فيما عمدت مؤسسات أخرى إلى دفع جزء من الراتب لعمالها في وقت اتجهت فيه مؤسسات إلى صرف عمالها خصوصاً المؤسسات السياحية والمؤسسات التجارية”.
لبنان اليوم أصبح بوضع كارثي ولا شيء يلوح في الأفق، ومعظم العمال يواجهون مستقبلاً مجهولاً، ولذلك كشف الأسمر أن “الاتحاد طرح بعض الحلول وهو بانتظار تبلورها، كما طلب من رئيس مجلس الوزراء ضرورة تأمين المساعدات المالية للعمال الذين صرفوا من عملهم إلى جانب المساعدات العينية وأيضاً العمال الذين يعانون من أزمة النزوح”.
أما في الشق القانوني، لفت المحامي شربل عون إلى أن هناك “عدداً كبيراً من أرباب العمل قد لجأوا الى صرف عدد كبير من الأجراء لديه أو البعض منهم وذلك لأسباب مختلفة؛ فالبعض صرفهم لاسباب تتعلق بالدمار الشامل الذي لحق بالمؤسسة، والبعض الآخر لظروف اقتصادية صعبة جراء الحرب الواقعة على لبنان”.
وأوضح أن “قانون العمل اللبناني لم يلحظ بشكل واضح وصريح حالة الحرب ومصير عقود العمل خلال هذه الفترة وعن كافة الموجبات والحقوق المتعلقة بالعقود”.
واستدرك قائلاً: “لكن يمكن الاستناد في هذه الحالة الى أحكام الفقرة “و” من المادة 50 من قانون العمل اللبناني، التي نصت على أنه يجوز على صاحب العمل إنهاء كل أو بعض عقود العمل الجارية لديه، إذا أقتضت قوة قاهرة أو ظروف اقتصادية صعبة، علماً بأن هذا الانهاء مقيّد بشروط عدة ومن أهمها أن يتم ابلاغ وزارة العمل والتشاور معها من اجل تسديد التعويضات اللازمة، كما يجب على صاحب العمل اثبات القوة القاهرة الحاصلة والظروف الاقتصادية التي يمر بها”.
باختصار، صرف الأجراء بشكل عشوائي لأسباب تتعلق بالحرب هو أمر غير جائز قانوناً، ويجب على المشترع تنظيم هذه المرحلة كما حصل خلال الحرب اللبنانية سنة 1975 حيث نظم بموجب مرسوم اشتراعي كيفية استمرار العقود وتعديلها وتعليقها وتسديد الأجور بشكل جزئي، بهدف إنصاف أرباب العمل والأجراء معاً.
ناديا الحلاق – الجريدة