الجمعة, نوفمبر 22
Banner

إسرائيل تتخبط بين إستمرار الحرب والحلول الدبلوماسية!

تغرق إسرائيل في تصريحات متناقضة تؤكد إنتهاء بنك أهدافها في لبنان وتركيز إعتداءاتها على قتل المدنيين الأبرياء من عين يعقوب في عكار الى بلدة جون الشوفية، مرورا بهدم المباني في الضاحية الجنوبية، ما يجعلها في حالة تخبط داخلي بين من يريد الاستمرار بالحرب وبين من يدعو الى الحلول الدبلوماسية التي وحدها قادرة على إعادة سكان مستوطنات شمال فلسطين المحتلة.

بعد سلسلة من التصريحات الاسرائيلية حول قرب إنتهاء العملية العسكرية البرية، وتسريب مقترحات لوقف اطلاق النار بشروط ممنوعة من الصرف لبنانيا، والتفاؤل الذي يقوم بترويجه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين حول إمكانية التوصل الى تسوية قريبة، أعلنت إسرائيل أمس عن إطلاق المرحلة الثانية من العملية العسكرية بهدف القضاء على قدرات حزب الله الصاروخية والضغط عليه للقبول بالشروط الاسرائيلية.

وما يثير الاستغراب، هو أن إسرائيل لم تحقق أهداف المرحلة الأولى، وهي حتى الآن عاجزة عن إعادة مستوطن واحد الى الشمال في وقت تضاعف فيه ضربات المقاومة من عدد النازحين من المستوطنات التي تستهدفها.

إعلان إطلاق المرحلة الصهيونية الثانية يهدف الى بث جرعة من الاطمئنان في الداخل الاسرائيلي الذي بدأ يدرك حجم الكذب الذي تعتمده حكومته بفعل الضربات المتتالية التي يتعرض لها من صليات صواريخ المقاومة التي تتنامى يوميا وتصيب أهدافها وصولا الى تل أبيب، وكان أقساها أمس إستهداف مستوطنة نهاريا التي سقط فيها قتيلان وعدد من الجرحى وخلفت أضرارا كبيرة.

الكذب الاسرائيلي كشفته المقاومة الاسلامية في لبنان، حيث أكدت أن “الجيش الاسرائيلي إنسحب من أكثرية البلدات الجنوبية الى ما بعد الحدود اللبنانية الفلسطينية، وأن إطلاق المرحلة الثانية وفق زعم العدو لن تحصد منه إسرائيل سوى المزيد من الخسائر والخيبات”.

كل ذلك، يؤكد أن ما تريد أن تقوم به إسرائيل في المرحلة المقبلة هو مجرد إعادة صياغة للمرحلة الأولى التي فشلت خلالها في القيام بإحتلال أو التمركز بأي بلدة لبنانية بفعل التصدي البطولي لمجاهدي المقاومة.

هذا التصدي الذي ينقسم بين المواجهات الميدانية التي ألحقت أضرارا فادحة بجيش العدو وبين الصليات الصاروخية التي حققت أهدافها وإستخدُمت فيها صواريخ بمدى ٤٠ الى ٥٠ كيلومترا وأصابت المستوطنات التي تبعد عن الحدود المسافة نفسها، ما يشير الى أن المقاومة ما تزال بعد ٤٦ يوما تطلق صواريخها من بلدات الحافة الأمامية، الأمر الذي يدحض كل التصريحات الاسرائيلية حول ضرب البنية العسكرية لحزب الله وعن توفير الأمن للمستوطنات.

يبدو واضحا، أن إسرائيل تسعى الى خوض جولة جديدة من المفاوضات بالحديد والنار من أجل الضغط على لبنان للقبول بشروطها، في وقت بات الجميع يدرك أن السقف اللبناني هو وقف إطلاق النار وتطبيق القرار ١٧٠١ من دون زيادة أو نقصان وإنتشار الجيش في الجنوب والتعاون مع قوات اليونيفل لمراقبة حسن تطبيق القرار، وبالتالي فإن هوكشتاين في حال كان صادقا في تفاؤله فهذا يعني أن إسرائيل تتجه للقبول بهذا السقف، وما دون ذلك هو مجرد تضييع للوقت، وإعطاء العدو المزيد من الفرص لتحقيق الأهداف وممارسة الضغوط للوصول الى تسوية تصب في مصلحته، وهو أمر بعيد المنال، خصوصا أن المقاومة مستمرة في تصعيد عملياتها وفي إدخال أسلحة نوعية وفي إستهداف مستوطنات إسرائيلية جديدة، وهي بالأمس أصدرت تهديدا الى سكان عدد من المستوطنات أشارت فيه الى أن “جيش الاحتلال يتخذ منها مراكز له ما يجعلها هدفا للصليات الصاروخية” الأمر الذي أدى الى موجة نزوح إسرائيلية جديدة.

هذا الواقع يضاعف من الإرباك الاسرائيلي، خصوصا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يريد الاستمرار بالحرب لإبعاد كأس المحاسبة المر عنه بقضايا الفساد وتسريب الوثائق والمعلومات وتزوير بروتوكولات الكابينيت بشأن الحرب وآخرها عدم التعامل مع التهديدات قبل عملية طوفان الأقصى، وهو كان طلب تأجيل شهادته أمام المحكمة الى شباط المقبل بسبب الحرب لكنها رفضت طلبه، لذلك لم يعد أمامه سوى المزيد من التصعيد في حرب من دون أهداف، بدأ الجيش الصهيوني يخشى من تداعياتها الكارثية عليه، ويترجم ذلك برفض آلاف الجنود الالتحاق بالميدان، وبالضغط من الحكومة اليمينية على الجيش للاستمرار في القتال.

بات معلوما، أن تحقيق أهداف العدو يحتاج الى حرب طويلة الأمد أعدت لها المقاومة عدتها، وهي تتحين الفرصة لإيلامه في الميدان وإجباره على الرضوخ للمفاوضات وفقا للرؤية اللبنانية حيال تطبيق القرار الأممي.

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply