كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء “
كثرت الرهانات في الآونة الأخيرة، وأثناء السباق المحموم للوصول إلى البيت الأبيض بين «كامالا هاريس» و«دونالد ترامب» حول واقع المنطقة، وما سيتغيّر في وقائع التطورات العسكرية وخاصة في الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان. وجهدت العديد من الأقلام، في تحليل المشهد بعد حسم ترامب الفوز، في طرح مجموعة من الأسئلة حول إمكانية إحداث تغيير في مسار التطورات الميدانية وخاصة لجهة قدرة الأخير على وضع حد لهذه الحرب التي باتت تمثل همجية عدوانية معدومة الاستراتيجية، واستمرارها فقط هو للمزيد من المجازر والتدمير ليس إلّا.
نعم حسمت صناديق الاقتراع النتيجة، وأوصلت المرشح الجمهوري إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة بعد ربطها بالاستحقاقات في الإقليم والعالم لأشهر طويلة، ليعود بنتيجتها الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً، بعدما أخرجه منه الرئيس «جو بايدن» قبل أربع سنوات، من دون أن تنجح نائبته «كامالا هاريس» في خلافته، كما أراد الحزب الديمقراطي.
ترى المصادر المتابعة أنه، وعلى الرغم من الانطباع السائد بأن هوية الرئيس الأميركي، سواء كان منتمياً إلى الكارتل الديمقراطي أو الجمهوري، فإنها لن تؤثر في المبدأ على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خصوصاً في المنطقة، حيث تتمتع الإدارة الأميركية بمروحة علاقات؛ يصفها البعض بالاستراتيجية والمتينة، وخاصة مع الكيان الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن مصادر أخرى لم تسقط الرهان على أن يمهد فوز ترامب للعد العكسي ووضع نهاية للحرب الدائرة في المنطقة. علماً أن رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» كان من أوائل المهنّئين لترامب، وهو يعقد العزم للحصول على دعم مختلف في السياسة والعسكر لكيانه عما كان عليه في عهد بايدن، وإطلاق يد «إسرائيل» في المنطقة للعبث بأمنها تحت عنوان مرحلة جديدة تلوح في مخيّلة نتنياهو حول خريطة الشرق الأوسط الجديد.
من هنا، تتبدّى للكثير من المتابعين عوامل متعددة من شأنها أن تدفع إلى تصديق مثل هذه الرهانات، ومن بينها قول ترامب نفسه في خطاب الفوز الذي سبق إعلان انتصاره رسميا: إنّه لن يبدأ الحروب بل سينهيها. فضلاً عن قوله في تصريحات سابقة: إنه لو كان في الحكم لما وقعت الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان أساسا. بل إنه شمل بكلامه الحرب على أوكرانيا، التي وعد بوقفها خلال أربع وعشرين ساعة. وهو ما يعكس، بحسب المراقبين، عقلية ترامب التجارية التي تقوم على تحقيق المكاسب الاقتصادية خارج أصوات المدافع والطائرات؛ وهذا ما فسّر فشل المفاوضات السابقة لوقف الحرب بانتظار تظهير الصورة النهائية للانتخابات الأميركية. وبهذا المعطى، فإن أصحاب الرأي يستندون بشكل أساسي إلى الأجواء التي واكبت الانتخابات الأميركية على مدى الأسابيع الأخيرة، والتي خلّفت انطباعاً مفاده أن أي إنجازا سيشكّل في النتيجة نقطة مفصلية مرتبطة بمسار الحرب، مستندة أيضاً على حسابات قرأ أصحابها أن أسباب التصعيد تلاشت اليوم، ولا سيما مع انتهاء مرحلة المزايدات الانتخابية بين ترامب وهاريس.
إذن، ما زالت ملامح التغيير في المشهد القائم مرتبطة بما سيحدث من إنجازات يفترض القيام بها قبل تسلّم ترامب لمقاليد الحكم في العشرين من كانون الثاني القادم 2025.
في الخلاصة، يمكن القول إنه لا ثابت في سياسة الإدارة الأميركية إزاء القضايا الساخنة في المنطقة، سوى استمرار الدعم للكيان الإسرائيلي. وإن تبوأ ترامب لسدّة الرئاسة، ودخوله مرة ثانية للبيت الأبيض لن يغيّر في الواقع شيئًا وفق ما تقول بعض الأوساط المتابعة. وإن ما سبق من وعود ساقها الرئيس المنتخب هي كوعود إبليس بالجنة. وبين ما هو منتظر، وما هو متوقع تبقى المنطقة رهينة الميدان، وما يمكن أن تقرره ساحة المواجهة بين «حزب لله» والكيان الإسرائيلي.