ثمة أسئلة بدأ المجتمع الاسرائيلي بطرحها عبر الاعلام العبري، أبرزها، أنه كيف يقول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه الجديد يسرائيل كاتس أننا نجحنا في تقويض قدرات حزب الله، ثم تصل صواريخ ومسيرات الحزب الى مبنى وزارة الدفاع في تل أبيب متجاوزة 120 كيلومترا ولثلاث مرات متتالية، من دون أن تتصدى لها الدفاعات الجوية؟.
وكيف تحاول الحكومة رسم صورة إنتصار وهي لم تتمكن من تحقيق أهداف الحرب أقله في إعادة النازحين الى مستوطناتهم في الوقت الذي يتضاعف فيه عدد النازحين بفعل الصليات الصاروخية التي تطلق من جنوب لبنان على مدار ساعات النهار؟.
وما جدوى الاستمرار في هذه الحرب طالما أنها لا تحقق أهدافها وتكلف إسرائيل أثمانا باهظة؟.
وبناء على ذلك، أظهرت إستطلاعات الرأي في إسرائيل أن نحو 46 بالمئة من المجتمع الاسرائيلي يدعون الى وقف الحرب والدخول في تسوية سياسية تضمن أمن إسرائيل، مقابل 41 بالمئة يطالبون بإستمرار الحرب، في حين أن الكرة في ملعب نتنياهو الذي إما أن يرضخ للحلول الدبلوماسية ويواجه قضايا الهدر والفساد والتسريبات التي تنتظره، أو أن يهرب الى الامام في توسيع الحرب ضاربا بعرض الحائط كل المقترحات الأميركية التي سبق ونسفها سواء في غزة أو في لبنان.
في غضون ذلك، تخضع مسودة المقترحات الأميركية المتعلقة بتسوية وقف إطلاق النار والتي أعدها آموس هوكشتاين وسلمتها السفيرة الأميركية ليزا جونسون الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سلمها بدوره الى حزب الله الى دراسة معمقة، وهي أدخلت الى مختبر التدقيق والتمحيص في كل بند وعبارة وكلمة وصولا الى القراءة في ما بين السطور بعناية تامة لتلافي أية أفخاخ في اللعب على الكلام ربما يكون نصبها الأميركي والاسرائيلي على حد سواء.
ويفترض خلال اليومين الماضيين أن يتلقى الرئيس بري جوابا من حزب الله حول هذه المسودة، حيث سيصار الى وضع الملاحظات عليها أو إعادة صياغة بعض بنودها، في حين تشير معلومات الى أن البنود الـ13 التي تتضمنها المسودة لا يوجد فيها ما يمكن أن يرفضه لبنان بشكل كامل، خصوصا بعد تأكيد الرئيس بري أمس بأنها “لا تتضمن بندا يسمح لاسرائيل بحرية الحركة”، وهنا بيت القصيد بالنسبة للبنان الذي يرفض أن يُعامل كمهزوم أو أن يخضع لإملاءات أو أن تُستباح أرضه وتُنتهك سيادته، وهو أمر سبق ورفضه الرئيس بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي جدد أمس على إلتزام لبنان بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته.
لذلك فإن المسودة الأميركية قد تشهد بعض التعديلات لا سيما فيما يتعلق بلجنة المراقبة الدولية التي تشكلت بفعل القرار غداة عدوان تموز 2006، وتضم ممثل عن اليونيفل وضابط لبناني وآخر إسرائيلي وكانت تجتمع للبحث في الخروقات، حيث يجري النقاش حول إمكانية توسيعها لتشمل أميركا وفرنسا وربما دولة عربية لضمان حسن سير تنفيذ القرار.
لا شك في أن تنفيذ القرار 1701 بحسب الرؤية اللبنانية يصب في مصلحة الجميع، حيث يحقق الأهداف التي شنت إسرائيل لأجلها الحرب، وهي إعادة النازحين الى المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، وتراجع المقاومة الى ما بعد شمال الليطاني، علما أنه من دون الدبلوماسية وتنفيذ القرار لا يمكن لإسرائيل أن تحقق أي هدف، ما يعطي المقاومة أفضلية في منع تحقيق هذه الأهداف خلال الحرب بفعل صمودها، كما من شأن هذا القرار أن يلزم إسرائيل بالإنسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وبالتوقف عن كل أنواع الخروقات برا وبحرا وجوا، ما يعني تحريرا للأرض اللبنانية وهذا من شأنه أن يعطي المقاومة ولبنان إنتصارا حقيقيا.
إذا، هي أيام قليلة تفصلنا عن الرد اللبناني الذي سيضع إسرائيل وأميركا أمام مسؤوليتهما، فأما أن يكون هناك جدية من الادارة الأميركية في الضغط على العدو من أجل الركون لهذه التسوية ووقف إطلاق النار، أو أن تتمرد إسرائيل مجددا على التوجهات الأميركية، وعندها سيكون التصعيد كارثيا ومن دون سقوف.
غسان ريفي