ما بدأته النائبة نجاة صليبا بمحاولة الإنقلاب على رئيس مجلس النواب نبيه بري وتأكيدها انه “لا يمكن أن يختصر الدولة اللبنانية في مفاوضات وقف الحرب”، إستكملته يوم أمس القوات اللبنانية التي إعتبرت في بيان لها أن “المفاوضات يجب أن تكون بين الدولة اللبنانية وإسرائيل، وليس بين حزب الله وبينها”، مطالبة “بإنتخاب رئيس للجمهورية يقود المفاوضات”، ما يعني دعوتها إلى إستمرار الحرب إلى حين إنجاز الاستحقاق الرئاسي، إو إنجازه في ظل الحرب في إستعادة لأجواء عام ١٩٨٢.
اللافت، أن بعض الشخصيات المعارضة ذهبت في نفس إتجاه القوات، ما أكد أن ثمة أمر عمليات بدأ يُنفذ لتعطيل حصول أي إتفاق لوقف إطلاق النار، لا سيما في ظل الأجواء الإيجابية التي أشيعت حول قرب الوصول إلى هذا الهدف، بعد تأكيد المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أن “إنهاء الحرب اصبح بمتناول اليد”.
هذا الحراك الإنقلابي يأتي إنسجاما مع تحركات خارجية بدأت مع تسليم السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون مسودة الاتفاق إلى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، حيث تشير معلومات خاصة ل “سفير الشمال” أن الجهات الخارجية التي أجرت إتصالات مع شخصيات لبنانية معارضة تدور في فلك المحور الأميركي الاسرائيلي لتشكيل لوبي سياسي يضغط بإتجاه قطع الطريق على الرئيس بري لإتمام المفاوضات إنطلاقا من كونه رئيسا لحركة أمل وناطقا بإسم الثنائي الشيعي، ترجمت تحركاتها بتوقيع عريضة بهذا المضمون تم توجيهها إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأمر الذي يشكل إنقلابا حقيقيا على السلطة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية لا سيما الرئاسة الثانية.
يبدو واضحا، أن القوى المعارضة سواء في الخارج التي وقعت العريضة أو في الداخل ممثلة ببعض النواب والقوات اللبنانية التي كشفت عن قناعها منذ بداية الحرب بإعتبارها أن “ما تقوم به إسرائيل من شأنه أن يعيد التوازن الداخلي بنزع سلاح حزب الله”، ومن ثم محاولتها أمس “دس السم في الدسم” عبر تأكيدها أن “الخروج من الحرب إلى الاستقرار لا يكون بتغييب دور الدولة”، متناسية أن الرئيس بري هو رأس السلطة التشريعية، ومحملة المسؤولية إلى المقاومة من دون أن تأتي على ذكر العدوان الاسرائيلي وإجرامه أو حتى إدانته أو إستنكاره، معتبرة أن “ما يجري على أرض لبنان هو حرب بين حزب الله وإسرائيل، وأن التفاوض يجري بين الحزب وإسرائيل بعيدا عن الدولة اللبنانية”.
لا شك في أن وقف الحرب عبر الاتفاق على تنفيذ القرار ١٧٠١ الذي إلتزمت به المؤسستين الدستوريتين المتمثلتين برئيسيّ السلطتين التشريعية والتنفيذية، يضرب كل الطموحات التي بنتها القوات وغيرها من قوى المعارضة لجهة القضاء على المقاومة ونزع سلاحها بالقوة عبر إسرائيل، خصوصا بعد إستعادة المقاومة عافيتها، وصمودها الأسطوري، سواء على الجبهة أو في الصليات الصاروخية التي تصول وتجول في أجواء فلسطين المحتلة وصولا إلى تل أبيب، فأراد هؤلاء ضرب أي إتفاق يمكن أن يبصر النور وثني أميركا عن القيام بمساعيها، وتشجيع العدو الإسرائيلي على إستمراره في الحرب عله يستطيع القضاء على المقاومة التي تمثل شريحة لبنانية واسعة.
هذا الواقع، طرح سلسلة تساؤلات لجهة: إذا لم يكن الرئيس نبيه بري وهو رئيس مجلس النواب الشرعي والمنتخب يمثل الدولة اللبنانية في هذه الظروف، فمن يمثلها؟ واذا كانت القوات تريد إبقاء الحرب إلى حين إنتخاب رئيس للجمهورية، فكيف يمكن القيام بذلك إذا كان الرئيس بري لا يمثل الدولة اللبنانية؟، ولمصلحة من الانقلاب على الشرعية اللبنانية في ظل الحرب؟ هل ما يجري هو بمثابة إستجداء لإسرائيل لعدم إيقاف الحرب؟ وهل يكون بناء الدولة والسيادة والاستقرار بهزيمة المقاومة والدخول في العصر الاسرائيلي؟.
ترى مصادر سياسية مواكبة، أن ما يحصل ضمن هذا الاطار من جهات لبنانية خارجية وداخلية هو خيانة عظمى يعاقب عليها القانون، وهو بالتالي أخطر من العدوان الاسرائيلي لأنه يشكل عدوانا على الصيغة اللبنانية والمؤسسات الدستورية ويمهد لفتنة كبرى تريدها إسرائيل سواء وافقت على المقترح الأميركي أم لم توافق!..
غسان ريفي – سفير الشمال