في ظل العدوان الذي يشنه العدو الإسرائيلي على لبنان، خسر العديد من اللبنانيين وظائفهم، ومن لم يخسرها، تضعافت عليه المصاريف بعد التهجير، واللجوء إلى استئجار منازل بأسعار مضاعفة.
الحاجة هذه دفعت العديد من اللبنانيين إلى بيع ذهبهم، خصوصاً في ظل التراجع السريع لأسعار الذهب في السوق العالمي، ولتأمين بدلات السكن والطعام في ظل التهجير.
ويقول أحد تجار الذهب أن عدداً كبيراً من الذين يبيعون الذهب هم النازحون، كي يستطيعوا تأمين الطعام والملبس ودفع ايجارات منازلهم، لافتاً إلى أن أكثر القطع التي يتم بيعها هي المحابس والخواتم والأساوير وغيرها.
وفي إحدى محلات بيع الذهب يرصد “الجريدة” فاطمة (نازحة من الضاحية الجنوبية) وهي تنظر إلى يدها ثم إلى عنقها، وتفكر، عن أي واحدة منها ستتنازل، وتقول بحسرة عمرها من عمر الحرب لموقع “الجريدة”: “أعتاش من بيع صيغتي المتواضعة، كي أستطيع تأمين الطعام لعائلتي، لم أعد أمتلك إلا ما علّي من المجوهرات، أتمنى أن نخرج من هذا النفق المظلم قريباً”.
وانخفضت أسعار الذهب العالمي خلال الأسبوعين الماضيين ليفقد 200 دولار من قيمته منذ تسجيل أعلى مستوى تاريخي عند 2790 دولار للأونصة.
فهل الاتجاه النزولي لأسعار الذهب مستمر أم أنه مجرد حركة تصحيحية؟
الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري قال لموقع “الجريدة” إنه “منذ وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة، بدأ الانخفاض مرتبطًا بالتوقعات الاقتصادية الإيجابية في ذلك الوقت، مثل وعود بتخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق على البنية التحتية. كما ان الذهب غالبًا ما يكون معكوس العلاقة مع الدولار، وعندما يرتفع الدولار، ينخفض الذهب. لذلك توجه المستثمرين نحو الأسهم حيث يعتبر تحسن مؤشرات الأسهم عامل جذب رؤوس الأموال بعيدًا عن الاصول المعدنية والسلع”.
ورأى أن “الذهب يميل إلى الارتفاع في الأوقات غير المستقرة اقتصاديًا أو سياسيًا. إذا عادت الأزمات أو ظهرت توترات جديدة، سوف يستعيد الذهب زخمه، كل ما يحصل الان مرتبط بالتوقعات لا بالوقائع”.
كما لفت الخوري إلى أن “الذهب يُعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات ويحتفظ بقيمته على المدى الطويل ولا يتأثر بشكل مباشر بقرارات الحكومات مثل العملات الورقية، مما يجعله خيارًا جيدًا للتحوط”.
رغم ذلك فإن عدم فهم توقيت الشراء أو البيع، قد يؤدي إلى خسائر إذا انخفضت الأسعار بشكل كبير بعد الشراء. كما ان الاعتماد الكلي على الذهب كاستثمار قد يؤدي إلى تفويت فرص نمو أخرى، مثل الأسهم أو المشاريع خاصة ان الذهب لا يدر دخلاً (مثل الفوائد أو الأرباح)، بل يعتمد على ارتفاع قيمته فقط. بحسب ما يؤكده الخوري.
بالخلاصة، الاتجاه النزولي للذهب قد يكون تصحيحيًا إذا كان مدفوعًا بعوامل مؤقتة. لكن، بناءً على الوضع الاقتصادي والسياسي العام، يمكن أن يتغير الاتجاه إذا ظهرت تحديات جديدة.
من هذا المنطلق نصح الخوري المستثمرين بعدم وضع كل مدخراتهم في الذهب وعدم الاعتماد عليه كأداة استثمارية، الأفضل أن يكون جزءًا من محفظة متنوعة تشمل أسهم، سندات، وعقارات.
ناديا الحلاق – الجريدة