الجمعة, نوفمبر 22
Banner

“مؤامرة” شركات المحروقات ستتكرر.. ودعم البنزين لن يُرفع قريباً

عزة الحاج حسن -المدن

خلال أقل من 24 ساعة، أعلنت محطات المحروقات نفاذ مادة البنزين من خزاناتها. أغلقت أبوابها. رفعت خراطيمها. والسبب، تأخر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات المالية للبواخر الثلاث المحملة بالبنزين والديزل، والراسية في المياه اللبنانية. وفي الـ24 ساعة عينها باشرت عشرات المحطات بيع البنزين والمازوت في السوق السوداء، بأسعار تفوق ضعفي الأسعار الرسمية، قبل أن تُحل الأزمة ويُعاد فتح المحطات واستئناف عملها. فما الذي حصل فعلياً؟ وهل من “ملعوب” وراء ما حصل؟ وكم من الوقت ستُغذي الشحنات المستوردة مؤخراً السوق؟ وماذا عن وقف الدعم عن البنزين مع بداية العام المقبل 2021؟

“ملعوب” قديم

ما حصل أن فتح الاعتمادات المالية من قبل مصرف لبنان، لصالح الشركات المستوردة للمحروقات، تأخر بالفعل. لكن الحديث عن أزمة وعن نفاذ المحروقات من المحطات لم يكن سوى ألعوبة من ألاعيب الشركات والمحطات التابعة لها، وتلك المأجورة والمتواطئة معها أيضاً. فتأخُر مصرف لبنان بفتح الاعتمادات يكلّف الشركات غرامات تقدّر بآلاف الدولارات عن كل يوم إضافي يمر على البواخر المحملة بالمحروقات، العائمة في المياه اللبنانية بانتظار إدخالها وتفريغ حمولتها. وقد اعتادت الشركات المستوردة للمحروقات ومعها عدد كبير من محطات المحروقات استخدام المواطن اللبناني لممارسة الضغط على مصرف لبنان، للإسراع في فتح الإعتمادات المالية.

لذلك، وفور تأخر مصرف لبنان عن فتح الاعتمادات، أعطت الشركات الضوء الأخضر للموزعين وبعض أصحاب المحطات لرفع الصرخة بأن خزاناتهم فرغت من المحروقات، خصوصاً البنزين. وبين ليلة وضحاها ومن دون أي تمهيد مسبق، أقفلت عشرات المحطات أبوابها، وخرج فادي بو شقرا، المتحدث باسم موزعي المحروقات، ليبشّر بوقوع أزمة محروقات. وهو أكثر العالمين بأن المحطات بغالبيتها الساحقة لم تفرغ خزاناتها بعد، ورفعت خراطيمها تواطؤاً.

وإذا كانت محطات المحروقات التي أقفلت أبوابها ورفعت خراطيمها، بذريعة نفاذ البنزين والمازوت، فكيف لبعض محطات البقاع والجنوب أن تبيع صفيحة البنزين بما يتراوح بين 35 ألف ليرة و50 ألف ليرة. أي بنحو ضعفي السعر الرسمي للصفيحة، على الرغم من إغلاقها.

إذلال المواطن

هذه المسرحية التي شاهدناها يومي الأحد والإثنين الفائتين، أتت بالفائدة على كافة الأطراف في قطاع المحروقات. فالشركات المستوردة تمكّنت من إدخال حمولة البواخر الثلاث، بعد أن سارع مصرف لبنان إلى فتح الإعتمادات المالية لها ظهر يوم الإثنين. والموزعون كما المحطات حقّقوا أرباحاً من بضائع تم بيعها بالسوق السوداء. واستمر بعضها بتخزين واحتكار المحروقات كما العادة.

ومن المؤسف أن المشهد الذي أقلق المواطنين يوم الأحد، ودفعهم إلى الوقوف في الطوابير أمام المحطات، والتذلّل لأصحابها لتأمين بضعة ليترات من البنزين، سيتكرّر بشكل شبه دوري، وفق ما يؤكد مصدر في قطاع المحروقات في حديث إلى “المدن”. ومن المتوقع أن يتكرر قريباً في منتصف شهر كانون الثاني كأبعد تقدير. فالحمولة التي أفرغت من البواخر الثلاث يوم الإثنين والبالغة نحو 60 ألف طن من البنزين و30 ألف طن من المازوت، لا تكفي لأكثر من 15 يوماً كأبعد تقدير.

إرجاء رفع الدعم

لكن الأمر الأقل سوءاً في ملف المحروقات، هو أن موضوع رفع الدعم عن البنزين لم يعد وارداً على الإطلاق في المرحلة الراهنة، وفق المصدر، أقله إلى حين تشكيل حكومة جديدة. فرئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، ألمح إلى ذلك مستنداً لما كشفه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في وقت سابق خلال إطلالة تلفزيونية، بأن لدى مصرف لبنان ملياري دولار كاحتياطات أجنبية، ومن الممكن تأمين استمرار دعم المواد الأساسية على مدى 6 أشهر تقريباً. أضف إلى أن دياب لم يتردّد، وفق ما ينقل عنه المصدر، بحسم رفضه لموضوع رفع الدعم خلال وجوده في السلطة. جازماً بأن على الحكومة المقبلة تحمّل مسؤولية قرار رفع الدعم وتداعياته.

أما عن شكل الدعم المقترح استمراره على مدى الأشهر الستة المقبلة، فمن المرجّح ألا يستمر على ما هو عليه اليوم. ويجري البحث في عدة سيناريوهات لاستمرار الدعم على المحروقات والخبز والأدوية، من بينها اعتماد نطام بطاقات تموينية ممغنطة لقرابة 600 ألف عائلة لبنانية أو ما يعادل نحو 2.5 مليون مواطن لبناني. سيناريو آخر يجري تداوله يقضي بإلغاء الدعم على المحروقات والقمح، من دون أن يشمل ذلك الأدوية، مقابل تقديم مساعدات مالية مباشرة بقيمة 165 دولاراً شهرياً لكل عائلة.

سيناريوهات أخرى يجري البحث بها كبديل عن الدعم، أو كشكل آخر للدعم، لم يتم التوافق على أي منها حتى اللحظة، سوى على أمر حاسم أقله بالنسبة إلى دياب هو “رفض رفع الدعم قبل تشكيل الحكومة”.

Leave A Reply