ثمانية أيّام مضت على قرار وقف إطلاق النّار بين لبنان وإسرائيل، الذي أُعلن عن التوصل إليه فجر يوم الأربعاء الماضي، 27 تشرين الثاني الماضي، لكن خلال هذه الأيّام الثمانية “خرقت إسرائيل القرار نحو 100 مرّة”، حسب ما أكّد مصدر في قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب في حديث إلى قناة “سي إن إن” الأميركية، ما شكّل دافعاً للإستنكار والسّؤال حول كيف يمكن لقرار وقف إطلاق النار المذكور أن يستمر بينما لا يلتزم به إلّا طرف واحد، هو لبنان، في حين يتم تجاهله كليّاً من جانب العدو الإسرائيلي؟
منذ اليوم الأول لدخول وقف إطلاق النّار حيّز التنفيذ أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مراراً، آخرها يوم أمس، “إنّنا في حالة وقف إطلاق نار مع حزب الله وليس نهاية الحرب”، لافتاً إلى “أنّنا ننفّذ وقف إطلاق النار في لبنان بقبضة من حديد”، ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى إجراء إتصالات عاجلة بمسؤولين في الولايات المتحدة وفرنسا طلبا منهم “الضغط على إسرائيل للإلتزام بالقرار بعدما قامت بعشرات العمليات العسكرية العدائية”، وأبديا قلقهما بشأن وضع القرار.
خلال الأيّام الثمانية الماضية، وفي جردة سريعة للإعتداءات، إستهدف جيش العدو الإسرائيلي جنوداً في الجيش اللبناني، وعناصر في جهاز أمن الدولة عدا عن استهداف مدنيين، واستمرار الطائرات الحربية الإسرائيلية في خرقها الأجواء اللبنانية وصولاً إلى العاصمة بيروت، وقصفها مناطق وبلدات ومدن لبنانية، حيث سقط شهداء وجرحى، وتوغّل جيش الاحتلال ببعض المناطق اللبنانية بالجنوب، إلى جانب عرقلتهم إنتشار الجيش اللبناني في الجنوب وفق ما يقتضي القرار.
هذه الإعتداءات على لبنان والخروقات الإسرائيلية لقرار وقف إطلاق النّار، دفعت حزب الله، مساء يوم أوّل من أمس الإثنين، إلى “تنفيذ ردّاً دفاعياً أولياً وتحذيرياً مستهدفا موقع رويسات العلم التابع لجيش العدو الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة”، وفق بيان له، بعدما أوضح أنّ “المراجعات للجهات المعنية بوقف هذه الخروقات لم تفلح”.
لكنّ اللافت والمستغرب في آن معاً، أنّ قوى المعارضة في لبنان لم يستوقفها قيام إسرائيل بالإعتداء على لبنان طيلة الأيّام الماضية قرابة 100 مرّة، وسقوط شهداء وجرحى جرّاء ذلك، ولم تتحرّك إلّا بعد ردّ حزب الله التحذيري، ما دفع كثيرين للتساؤل: “هل المطلوب إعفاء العدو الصهيوني من إرتكاباته وممارساته العدوانية لخرقه وقف إطلاق النار، وقضمه أجزاء من الأراضي اللبنانية واعتدائه حتى على حرمة الأموات؟”.
إذ برغم إستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان فإنّ قوى المعارضة لم تبادر للإجتماع إلّا بعد ردّ حزب الله، فالتأم بعض أطياف المعارضة في مقرّ حزب القوات اللبنانية في معراب، وأصدورا بياناً لم يأتوا به على ذكر أيّ اعتداء أو خرق إسرائيلي لقرار وقف إطلاق النّار، إنّما أكدوا على “ضرورة تثبيت وقف إطلاق النّار”، و”التعاطي الحازم مع الخروقات” من غير أن يشيروا ولو تلميحاً إلى من يقوم بهذه الخروقات، أو أن يستنكروها.
عبدالكافي الصمد – سفير الشمال