تُصرّ بعض التيارات السياسية في لبنان وفي مقدمتها القوات اللبنانية، على إجراء “حصر إرث” لحزب الله بعد الحرب الاسرائيلية ودخول تفاهم وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث ترى من القرار 1701 ما يجب أن ينفذه الحزب بحذافيره، من دون أن تشير الى إعتداءات إسرائيل وما يفرضه القرار عليها لا سيما لجهة الانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية ووقف كل أنواع الخروقات.
وتوحي هذه التيارات أن زمن المقاومة قد إنتهى، وأن معادلة شعب وجيش ومقاومة لم تعد موجودة ولن تكون موجودة في أي بيان وزاري جديد، وتعمل وفق قاعدة “ماذا بعد حزب الله؟”، وذلك بفعل أمنيات بعيدة كل البعد عن الواقع، وتهدف الى تحقيق بعض الطموحات السياسية التي كانت ولا تزال وستبقى ممنوعة من الصرف.
وفي هذا الإطار، تذكّر مصادر سياسية مواكبة بما قاله رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بعد عودته من الولايات المتحدة، لجهة أنه وجد في أميركا إهتماما كبيرا بحزب الله وليس بلبنان، وأنه بذل جهدا كبيرا من أجل أن يكون لبنان على طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب.
وتنطلق هذه المصادر من تصريح الجميل، لتؤكد أن المجتمع الدولي عندما يريد التحدث مع أي كان لا يتحدث إلا مع القوي، ما يعني أن أي ملف يتعلق بلبنان لا يمكن البت به من دون النقاش فيه مع حزب الله كونه ما يزال ورغم الحرب الحزب الأقوى في البلد.
وترى هذه المصادر أن الحزب اليوم يستأجر المنازل ويفرشها للعائلات التي دمرت منازلها، ويقدم المساعدات المالية لها وللمواطنين الذين تضررت مؤسساتهم التجارية والاقتصادية، كما عمل على تقديم مساعدات مالية لهذه العائلات خلال الحرب بما يعادل 300 الى 400 دولار لكل عائلة، ما يشير الى أرقام مالية كبيرة جدا، لا يمكن لأي حزب في لبنان أن يمتلك عشرة بالمئة منها.
وتقول المصادر نفسها: إن الحزب وعلى مدار 66 يوما وبالرغم من إستشهاد أكثرية قيادات الصف الأول والثاني وتدمير مناطقه وبلداته وقراه، وتعطيل نحو خمسة آلاف شخص منه بفعل مجزرة البايجر والأجهزة اللاسلكية، ونزوح بيئته الحاضنة والخسائر التي لحقت ببنيته العسكرية، سطر أروع ملاحم البطولة في التصدي الاسطوري للعدو الاسرائيلي الذي لم يستطع التقدم بإتجاه الأراضي اللبنانية إلا عندما كان يسمح له المقاومون بذلك بفعل تكتيكات عسكرية، وهو اليوم يستغل بكل حقد مهلة الستين يوما للقيام بكل ما لم يستطع القيام به خلال الحرب لجهة التوغل والتخريب، وبالطبع بحسب المصادر فإن ذلك يؤكد أن الحزب عصي على الانكسار، وهذا ما أكده أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أمس لجهة الاستمرار وإعادة بناء القدرات والقوة وتفعيل الحضور السياسي بشكل من شأنه أن يذهل العالم.
وتشير المصادر السياسية الى أن الحزب أقوى مما يتصور البعض على المستوى السياسي، فهو يمتلك كتلة نيابية من 13 نائبا، وقادر في الوقت نفسه على تشكيل أكبر تكتل نيابي مع حلفائه، فضلا عن تمثيله الشعبي الصامد والمتماسك والداعم له رغم كل المآسي التي لحقت به، حيث أن مشاهد عودة النازحين الى قراهم وبلداتهم رافعين شارات النصر ورايات المقاومة وصور الشهداء كان أكبر دليل على تمسك هذه البيئة بالحزب الذي رسم صورة إنتصار كبير في وجه الاسرائيلي الذي خاض الحرب تحت شعار إعادة المستوطنين الى شمال فلسطين المحتلة ولم يتمكن حتى الآن من إعادة مستوطن واحد خوفا من المقاومة.
وتختم المصادر: إن من يراهن على ضعف المقاومة أو إنتهائها، فإنه يراهن على سراب يحسبه الظمآن ماء، خصوصا أن كل ما سبق يؤكد أننا أمام مقاومة شعب يمتلك الايمان والعقيدة والامكانات على كل صعيد، ولن تستطيع أي قوة أن تهزم إرادة الشعوب.
غسان ريفي