بليدا هي آخر بلدة حدودية بقضاء مرجعيون في محافظة النبطية، وإحدى القرى اللبنانية في جبل عامل، تبعد عن مركز القضاء ثلاثين كيلومتراً، وهي جارة بنت جبيل، لا يفصلها عنها سوى بلدة عيترون.
تقع بليدا في القطاع الاوسط من المنطقة الحدودية، تحدّها من الشمال ميس الجبل، ومن الشمال الغربي محيبيب، ومن الغرب عيناتا، ومن الجنوب الغربي عيترون والمالكية، ومن الشرق الاراضي الفلسطينية المحتلة، علماً أن ثلثي أراضيها أصبح خارج الحدود منذ العام 1920، ويبلغ عدد سكانها 9000 نسمة معظمهم من المهاجرين إلى المانيا منذ أواسط الثمانينات، ويعتمد أبناؤها في معيشتهم على زراعة التبغ والزراعات الموسمية.
حكاية هذه البلدة العامليَّة مع مقاومة الاحتلال ليست بجديدة، بل بدأت منذ العام ١٩٤٨ ولا تزال حتى اليوم تقدّم خيرة أبنائها ورجالها ونسائها وأطفالها على مذبح الشهادة. وقد ارتبط اسمها بالغارات والقصف الإسرائيلي المتواصل، منذ الثامن من تشرين الأول من العام 2023.
وأوضح رئيس البلدية الحاج أبو عبدالله حجازي “أن العدو عاث في بليدا خراباً ودماراً كبيرين وسوّى كل شيء بالأرض، بعدما استهدف القصر البلدي، مركز الدفاع المدني، المدرسة الرسمية الابتدائية، مدرسة الامام الصدر الرسمية، مدرسة قديمة تحوّلت مركز جمعية، مبنى الحسينية الجديدة والحسينية القديمة، مسجد النبي شعيب الأثري، ويُعدّ من أقدم مساجد جبل عامل وأعظمها، وجزءاً من المئذنة، والمعالم الأثرية، كما جرف المقابر على نحو همجي يفوق الوصف إذ “فلحهم فلاحة”، واستهدف محطة تكرير المياه وخزّانات المياه وشبكة الطرقات والكهرباء ومولّدات البلدية وخزّانات المازوت. وعشية وقف اطلاق النار استكمل العدو الاجهاز على ما تبقّى، ففجّر ما صمد من أحياء سكنية وعملياً يمكن القول إنّ نسبة الدمار الكلي تعادل 80 بالمئة، وبتدمير البنى التحتية قضى العدو على كل شيء يسهّل عودة الحياة الى البلدة عمّا قريب”.
وأوضح حجازي “أنّ قوات الاحتلال التي لا تزال ترابط في البلدة قد أطلقت النار على الأهالي لدى محاولتهم العودة اليها، ما اضطرّهم للمغادرة مجدّداً، وهي كانت لاحقتهم إلى أماكن نزوحهم وأجهزت على 3 عائلات مدنية بأكملها، حيث ارتكبت مجزرة في الضاحية راح ضحيتها الشهيد موسى نمر موسى وزوجته وابنتاه وابنه وحفيدته، والشهادة لاحقت عائلة مرجي إلى مكان نزوحهم في بلدة خربة سلم، حين دمّرت الطائرات الإسرائيلية منزلاً على رؤوس عائلة مؤلفة من أربعة أفراد، هم جعفر مرجي وزوجته الهام فقيه وولديهما الشابان، حسن وعلي، أستاذ مادة الفيزياء في مدارس المهدي، لتشطب بذلك هذه العائلة عن سجلات النفوس وكأنها لم تولد من قبل.”
وأضاف:” كما استهدفت مسيّرة للعدو سيارة إبنة بليدا هدى حجازي، بين بلدتي عيترون وعيناثا، في الخامس من تشرين الثاني الماضي، فسقط بداخلها والدتها سميرة عبد الحسن أيوب المتحدّرة من عيناثا، وبنات هدى: ريماس محمود شور (14 عاماً) تالين محمود شور (12 عاماً) وليان محمود شور (10 اعوام) فيما أصيبت الوالدة بجروح بالغة”.
رئيس البلدية الذي استشهد نجله بدوره خلال المعارك الاخيرة أوضح أنّ بليدا والقرى المجاورة قدّموا عدداً كبيراً من الشهداء، وقال:”الحمد لله في كل الاحوال، فهذه ضريبة ندفعها ونحن ممتّنون، دفاعاً عن وطننا وأرضنا مهما بلغت التضحيات والأثمان، وهنيئاً لكل الشهداء، فبعد استشهاد الامين العام السيد حسن نصرالله والشهداء القادة كل المصائب تهون، وإن شاء الله سنعود الى بلدتنا ونعيد إعمارها أفضل مما كانت”.
المدى