كتبت صحيفة “الديار”: تتريث السلطات اللبنانية الرسمية في فتح قنوات اتصال مع السلطة الجديدة في دمشق بانتظار ان تتبلور طبيعة المشهد المضطرب حتى الان، علما ان اتصالات بعيدة عن الاضواء قد بدات مع تركيا لمحاولة ايجاد «خط اتصال» مباشر للتنسيق الميداني لتفادي اي اشكالات حدودية. وعلمت «الديار» ان انقرة طمانت الجانب اللبناني بان اولوية السوريين الان هي بناء الدولة والمؤسسات الدستورية، لا افتعال مشاكل خارجية ولهذا لا داعي للقلق من اي ازمات حدودية تعهدت انقرة بحلها اذا ما وجدت. في هذا الوقت تواصل قوات الاحتلال الاسرائيلي استغلال حالة الفوضى السورية بمزيد من احتلال الاراضي في جبل الشيخ والمنطقة العازلة في الجولان المحتل، وتكثيف الغارات على القواعد الاستراتيجية للجيش السوري، على وقع سجال داخلي حول الاخفاق الاستخباراتي الجديد بعدم توقع الاحداث في سوريا، وفي ظل ترجيحات باستغلال رئيس الحكومة الاسرائيلية للاوضاع الهشة بالمغامرة بتوجيه ضربات للمشروع النووي الايراني.
نفق «اللبونة» المتفجر
داخليا، وفيما تتسابق بعض «الرؤوس الحامية» لاستغلال الوضع السوري في محاولة فرض وقائع تبدو غير واقعية على الساحة اللبنانية، باشرت لجنة مراقبة وقف النار عملها وسط خروقات مستمرة على لبنان. فيما اقر جيش العدو امس ولأول مرة منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله قبل 12 يوما حيز التنفيذ، بمقتل أربعة من جنوده في جنوب لبنان، وقال إن الجنود الأربعة من الاحتياط وينتمون إلى الكتيبة نفسها و”سقطوا أثناء القتال» السبت، من دون تقديم مزيد من التفاصيل، لكن المعلومات تفيد بان ضابطين وجنديين قتلوا وجرح آخرون بعد دخولهم الى نفق كان قد فخخه عناصر حزب الله مسبقا في منطقة اللبونة.
الاجتماع الاول للجنة
وفي بيان مشترك صادر عن سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا في لبنان وعن «اليونيفيل» حول التنسيق لدعم القرار 1701 افاد انه جرى اجتماع بين ممثلي الولايات المتحدة وفرنسا واليونيفيل والقوات المسلّحة اللبنانية والقوات الإسرائيلية امس في الناقورة من أجل تنسيق دعمها لوقف الأعمال العدائية، الذي دخل حيّز التنفيذ في السابع والعشرين من تشرين الثاني.واشار البيان الى ان اللجنة ستجتمع هذه الآلية بوتيرة منتظمة وستنسّق عملها بشكل وثيق لتحقيق التقدّم في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.
ماذا طلب لبنان؟
وعلم في هذا السياق، ان الجانب اللبناني طالب بوقف الخروق الاسرائيلية، مبديا الاستعداد لتنفيذ الاتفاق قبل مهلة الـ 60 يوما، وفيما لم يعط الضابط الاسرائيلي اي ضمانة في هذا الاطار، شدد الفرنسيون والاميركيون على ضرورة التطبيق الصارم للاتفاق، بعد الاستماع لتقرير اليونيفيل الذي تضمن تفصيليا عدد الخروقات الاسرائيلية.
تبريد «الرؤوس الحامية»
في هذا الوقت، بدات اكثر من جهة فاعلة مروحة اتصالات داخلية لحصر الافراح وعدم المبالغة في التوقعات لبنانيا لان سقوط النظام السوري لا يعني حكما اضعاف حزب الله داخليا. وقد نصح مسؤول سياسي بارز بعض الرؤوس الحامية بضرورة تبريدها. ولفتت التقارير الامنية الى ان الاجواء في الشارع السني مضبوطة. اما مسيحيا فان نشوة النصر المفتعلة لا يمكن ان يقرشها احد عمليا في ظل موازين القوى الداخلية..لكن ثمة تخوفا جديا من تاثيرات سلبية على جلسة التاسع من الشهر المقبل، لان تشدد اي طرف ومحاولته فرض وقائع غير واقعية سيعني حكما المزيد من التعقيدات، خصوصا ان الادارة الاميركية الجديدة تبدو غير مستعجلة لاجراء الاستحقاق وتريد المزيد من الوقت لمسك الملف جيدا حيث يخطط مستشار الرئيس ترامب مسعد بولس لزيارة بيروت بعد فرصة الاعياد للاتفاق على برنامج عمل متكامل في الشان الرئاسي والحكومي.
ما هو موقف حزب الله؟
اما بالنسبة لمسالة سلاح المقاومة واستعجال رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع والكتائب سامي الجميل لوضعه على طاولة البحث، فهو استعجال في غير مكانه، كما تشير اوساط مقربة من حزب الله غير المعني حاليا بخوض هذا النقاش، وهو اذ يتفهم الشعور المفرط والمبالغ فيه لدى هؤلاء بانتصار يدعونه ولا دور لهم فيه، لكنه يعتبر انهم يحاولون عبثا استثمار التطورات السورية على الساحة اللبنانية، علما ان الواقع السوري يحتاج الى وقت طويل كي يستقر ولا يمكن الرهان على ماهية الوضع باي شكل من الاشكال، ولهذا المطلوب الان القليل من التواضع والكثير من الحكمة كي لا تدخل البلاد في اتون ازمة لن تفضي الى اي نتيجة، وقد تكون نتائجها كارثية.
استعجال الجميل !
وكان الجميل «المنتشي» بالانتصار، قد اعتبر ان لبنان خرج من جميع أنواع الوصايات للمرة الأولى منذ 35 سنة، وصاية حزب الله انتهت ووصاية إيران وسوريا انتهت واليوم لبنان حر حر حر، وقال «الوصاية انتهت ولكن لا نزال في أول الطريق ولدينا الكثير من العمل ومشاكل البلد لم تنته فالسلاح لم يعد يشكل وصاية لكنه لا يزال موجودا. واضاف” نحن أمام مرحلة جديدة ويجب أن نقرر ما نريد إما نرتكب أخطاء الماضي أو نعمل بشكل صحيح، لا يجب أن نكرر خطأ التسعين بإقصاء الآخرين ولا خطأ 2005 عندما غضينا النظر عن السلاح غير الشرعي، ولا يجب أن نعيد خطأ 2016 وكل تلك الأخطاء لا يجب أن تتكرر».
اغتيال نصرالله نقطة التحول؟
لكن رئيس حزب الكتائب لم يلتفت الى جزء خطير يحصل في سوريا، ولا يبدو انه مهتم بذلك، او بمدى انعكاسه على لبنان، فخلال الساعات الماضية احتل جيش العدو نحو 14 كلم ويستمر بالتوغل، وقد اعلن احد كبار الضباط لموقع «والا» العبري ان اسرائيل لن تنسحب من هذه الاراضي راهنا والامر خاضع لتقييم حول ماهية الاوضاع في سوريا؟! بدوره اكد نتناياهو انه أمر الجيش بالسيطرة على المنطقة العازلة في سوريا وقمة جبل الشيخ، وقال «ان نصرالله كان «محور المحور» وإغتيالنا له كان نقطة تحول».
تدمير قدرات الجيش السوري
يترافق ذلك مع غارات اسرائيلية تجاوزت المئة وخمسين غارة مستهدفة البنى التحتية للجيش السوري، صواريخ ارض-ارض. وسلاح دفاع جوي، وبنى عسكرية واستراتيجية، وقد اكد المرصد السوري ان إسرائيل قصفت جميع أسراب الطائرات الحربية في المطارات إضافة لرادارات ومستودعات الأسلحة. ويحصل ذلك،وسط صمت مطبق من العالم، ومن القوى الجديدة الحاكمة، فان كل ذلك يزيد حزب الله قناعة بان الحديث عن السلاح وتسليمه كلام فارغ لا معنى له في ظل الفوضى الراهنة في المنطقة.
واقعية المقاومة وقوتها
ووفق تلك الاوساط، فان حزب الله واقعي جدا ويدرك المعنى الاستراتيجي للتغيير الذي حصل في سوريا، وهو امر يحتاج الى قراءة هادئة بعيدة عن الانفعالية، وهو يراقب الوضع السوري على نحو دقيق، لكن هذا لا علاقة له بالمسائل الداخلية لان حضوره الداخلي غير مرتبط بما جرى خارج الحدود وهو يتكىء على قاعدة شعبية صلبة وحضور كبير بالشراكة مع حركة امل في الساحة الشيعية ولا يمكن لاحد ان يتجاوز هذا الواقع. ولذلك المطلوب من الجميع الهدوء ريثما تكتمل السلطات الدستورية في البلاد بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة، ليصار عندها الى البحث في افضل السبل لحماية لبنان والمحافظة على قدراته الدفاعية من خلال وضع استراتيجية متكاملة تحصن البلد وتكون عنوانها الاستفادة من واقع وقدرات المقاومة لا الكيدية السياسية العبثية التي لا «تثمن ولا تغني من جوع».
كيف نحمي البلد؟
وفي هذا السياق، جاء كلام عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، الذي اشار الى الخروقات من قبل قوات الاحتلال في الجنوب، دليل اضافي على ان حماية البلد تحتاج الى تكامل جهود الجيش والشعب والمقاومة. وقد جدد موقف المقاومة من ترك معالجة هذه الخروق للدولة اللبنانية والدول الضامنة التي ستكون امام اختبار جدي من الان وصاعدا بعد انطلاق عمل اللجنة رسميا امس باجتماع عقد في الناقورة.
اخفاق اسرائيلي
في هذا الوقت، وعلى الرغم من العربدة الاسرائيلية في سوريا، ثمة مخاوف وتوجّس في إسرائيل من المستقبل. فضمن قراءة دلالة الأحداث الدراماتيكية في دمشق، يرى عاموس هارئيل، في «هارتس»، أنه بالنسبة لإسرائيل فإن ما اسماه ضربة محور إيران هي بشرى سارة لها، لكنها ستنبت مصاعب جديدة من جهة منظمات المتمردين لأن أحداً لا يعرف كيف تكون وجهتها.
فشل استخباراتي جديد
وفي السياق نفسه، يوجه محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفتي «نيويورك تايمز»و»يديعوت أحرونوت» رونين بيرغمان تساؤلات وانتقادات حول فشل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في توقّع السقوط السريع، ويقول بيرغمان إن الفشل في استشراف هجمة المتمردين ونجاحاتهم الزاهرة وسقوط الأسد إخفاق خطير.
أسئلة اليوم التالي
وكذلك تنشغل هذه الأوساط الإسرائيلية بأسئلة المستقبل، ومنها: هل تبدأ الآن فترة الفوضى المضرة، أم ولادة نظام حكم جديد يكون هو الآخر معادياً لإسرائيل؟ أم بدء «شرق أوسط جديد»وطرح التطبيع الشامل والانخراط في المنطقة العربية؟ هل تنجح قوى المعارضة في أن تتفق على حكومة انتقالية، وعلى دستور، وعلى انطلاق عصر جديد؟ هل تقوم دولة ديمقراطية في دمشق؟ ماذا عن القواعد الروسية في سوريا؟ هل تتمكن إيران من تهريب سلاح للبنان لدعم حزب الله؟ وهل تتفق إيران على ذلك مع تركيا كجزء من تعويض أنقرة لطهران على دورها في سقوط حليفها الأسد؟ وهل تبقى إسرائيل مستفيدة من سقوط الأسد في المدى البعيد؟ أم أن ذلك سيعود لاحقاً عليها كيداً مرتداً؟ ومن الاسئلة ايضا، هل تنجو سوريا الآن من سيناريو ليبيا ؟وهل تقع هزات ارتدادية في دول الجوار العربية وغير العربية؟
ضرب ايران؟
في هذا الإطار، تتخوف مصادر دبلوماسية من محاولة نتنياهو ، استغلال الاحداث، ومع دخول ترامب الوشيك للبيت الأبيض، لتوجيه ضربة لمنشآت إيران النووية، في ظل مزايدات عليه من اليمين ومن اليسار ومن المعارضة التي تتهمه بالعجز والجبن لتردده بضرب مفاعلات إيران النووية، كما اكد مجدداً وزير الأمن السابق نائب رئيس حزب «يسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان للإذاعة العبرية، صباح امس. وهو امر رجحته صحيفة «هارتس» التي تحدثت عن احتمال اغتنام نتنياهو نتائج الحرب والهزة الأرضية في سوريا من أجل القيام بعملية كبيرة في ايران بغية تدمير منشآتها النووية.
ما هي المخاطر؟
بدوره اشار الجنرال احتياط اسحق بريك الى انه ليس للجيش الإسرائيلي قدرة على هزيمة حماس الصغيرة وتنظيم حزب الله الكبير؛ لنقص في القوات، ما لا يتيح البقاء في الأماكن التي احتلتها اسرائيل ولا يتيح مناورة عميقة. وقال ان «وقف النار مع حزب الله ولد لانعدام البديل، لأنه ليس بمقدور الجيش الإسرائيلي أن يهزم حزب الله». وتخوف بريك ان ينشأ تهديد أكبر بعشرات الأضعاف على إسرائيل من سوريا والأردن، إذا ما سيطر الجهاد المتطرف على الأردن أيضاً.وقال «قد يحاول الجهاد المتطرف السيطرة على الأردن بمساعدة الأغلبية الإسلامية السُنية التي تعيش فيه وتعارض نظام المملكة الأردنية الهاشمية.
ملف المفقودين
في هذا الوقت، اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، مساء امس، وعرض معه الوضع الأمني في البلاد، كذلك، اجتمع ميقاتي مع المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، وعرض معه الوضع على المعابر الحدودية، حيث يتجمع العديد من السوريين الذين يحاولون دخول لبنان بفعل الاحداث في سوريا. كما قرر رئيس الحكومة تشكيل خلية أزمة في موضوع المفقودين والمخفيين قسرا تضم الوزارات والإدارات المعنية إضافة إلى اللجنة القضائية و”الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرا»، وذلك بطلب من الهيئة.
تدابير قضائية
في السياق ذاته، اجتمع وزير العدل هنري الخوري في مكتبه في قصر العدل بتكليف من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ،مع أعضاء لجنة المعتقلين في السجون السورية برئاسة المدعي العام في بيروت القاضي زياد أبو حيدر والأعضاء: القاضي جورج رزق، والعميد علي طه، لمتابعة الأوضاع المستجدة في سوريا. وتقرر التواصل مع القوى الأمنية من قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة لمعرفة إذا كانت لديهم أي معلومات تصلح للبناء عليها في ملف المعتقلين في السجون السورية وللتأكد من الأسماء المحررة من مختلف السجون خلال اليومين الفائتين. وقد تم خلال اجتماع لجنة المعتقلين تكليف العميد علي طه لتقصي الحقائق حول المعتقلين المحررين لمتابعتها ومعالجتها وفقا للأصول ، على أن تبقى مسألة المعتقلين قيد المتابعة مع رئيس الحكومة ووزير العدل الذي سيتابع اجتماعاته في الايام المقبلة مع أعضاء هيئة المفقودين في السجون السورية.
عودة اول معتقل لبناني
استقبلت بلدة شكا ابنها المعتقل المحرر سليم حموي، الذي عاد بعد قضائه أكثر من 33 عامًا في السجون السورية، وكان في استقبال حموي حشد كبير من أبناء البلدة، بحضور كاهن الرعية الأب إبراهيم شاهين والنائب أديب عبدالمسيح، حيث عمّت أجواء من الفرح والفخر بهذه العودة المنتظرة، يُعدّ حموي من أوائل الأسرى الذين عادوا إلى لبنان، في خطوة أثارت الأمل بعودة باقي المفقودين والمعتقلين.
وقال حموي أنه “لم يعلم بتهمته إلا بعد 20 عامًا من اعتقاله، وهي لانتمائه إلى القوات اللبنانية. وقد شهد سجن صيدنايا تجمعات للاهالي في محاولة لمعرفة مصير آلاف المعتقلين في سجون النظام. وافترش مواطنون الأرض بالقرب من السجن بانتظار معرفة مصير أبنائهم المعتقلين.