الخميس, ديسمبر 12
Banner

سوريا الجديدة أمام تحديات كبرى!

من المبكر الحديث عن مستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، إلا أن المؤشرات الأولية بعد 48 ساعة على “الزلزال المدوي” توحي أن فصائل “هيئة تحرير الشام” ماضية في ترتيب البيت الداخلي السوري والاستفادة من الاحتضان الشعبي لها، في تشكيل حكومة إنتقالية تم البحث بشأنها أمس بين رئيس دائرة العمليات العسكرية أحمد الشرع ورئيس حكومة النظام محمد الجلالي والرئيس المكلف محمد البشير الذي من المفترض أن يضع تصورا لحكومته مستعينا بتجرية حكومة الإنقاذ السورية.

في غضون ذلك، تستمر الفصائل بالتعاون مع أهالي المدن السورية في إزالة كل ما كان يرمز الى نظام الأسد من أنصاب تذكارية وتماثيل وصور ولافتات ولوحات وأسماء شوارع، وفي فتح السجون أمام المعتقلين للخروج الى حرية كانت مخفية خلف قضبان من القهر والعذاب ومن السنوات الطويلة، وفي العمل على إعادة نوع من الاستقرار الى المناطق السورية والذي خرقته طائرات العدو الاسرائيلي بأكثر من مئة غارة على أهداف عسكرية ومدنية مختلفة في دمشق والمدن الأخرى، فضلا عن إحتلال جبل الشيخ ومحيطه بمسافة عشرين كيلومترا، وسط صمت دولي وعربي مطبق بالرغم من كل التصريحات التي أكدت الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها.

وفي الوقت الذي تحاول فيه فصائل تحرير الشام وضع العملية السياسية في سوريا على السكة الصحيحة، كانت تصريحات أكثرية الدول والجهات والشخصيات لا سيما تلك التي كانت متحالفة معه إضافة الى حزب البعث العربي الاشتراكي وهو الحزب الحاكم قبل سقوط الأسد)، لتؤكد أنها تدعم المرحلة الانتقالية، وما يعنيها بالدرجة الأولى هي سوريا أرضا وشعبا بغض النظر عن المنظومة الحاكمة، مشددة على ضرورة العمل على حماية كل المكونات السورية ضمن الجمهورية السورية الموحدة.

لا شك في أن المواقف الايجابية من التغيير الذي شهدته سوريا، يضع هيئة تحرير الشام وحكومتها الانتقالية أمام جملة من التحديات، منها ما هو قصير المدى ومنها ما هو متوسط ومنها ما هو بعيد.

ومن هذه التحديات، توفير الأمن والاستقرار في كل المدن والمناطق السورية وإعطاء الطمأنينة لكل مكونات الشعب السوري، والاسراع في بدء المرحلة الانتقالية تمهيدا لإعادة تكوين السلطة السورية المنبثقة من إرادة الشعب والممثلة لكل الأطياف لا سيما الأقليات، والتصدي لأي إنقسام بين الفصائل، أو أي محاولة لإعادة إحياء أي تنظيم إرهابي، وإيجاد قواسم مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية، للحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وحماية التنوع الفكري والديني.

ومن بين هذه التحديات أيضا، التصدي للعدوان الاسرائيلي المستمر قصفا وإحتلالا على سوريا كمعيار أساسي لوطنية القيادة الجديدة وتأكيدا على هوية سوريا العربية، ومواجهة أية تدخلات خارجية من أي جهة أتى، حيث كانت المملكة العربية السعودية أول من دعت دول العالم الى عدم التدخل بالشأن السوري الداخلي، نظرا لخطورة هذا الأمر لجهة تحويل سوريا الى ساحة للصراعات الاقليمية والدولية.

ويضاف الى كل ذلك، سلسلة من القضايا الاستراتيجية، لجهة تقديم صورة جديدة عن سوريا، والتأكيد على الالتزام بالقضايا العربية لا سيما القضية الفلسطينية والعداء لاسرائيل، ومراعاة حساسيات دول الجوار لا سيما الأردن والعراق، وفتح صفحة جديدة مع لبنان وحل المسائل الحدودية الخلافية والتعامل مع التنوع اللبناني وإحترام حساسياته وتوازناته القائمة.

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply