كتبت صحيفة “البناء” تقول:
ينعقد اليوم في العاصمة الأردنية عمان اجتماع اقليمي دولي لبحث الوضع في سورية، بمشاركة وزراء الخارجية الأميركي والتركي والأردني والمصري والسعودي والقطري و العراقي والإماراتي واللبناني، اضافة الى مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي والمبعوث الأممي الخاص إلى سورية، والاجتماع الذي بدأ بمبادرة عراقية أميركية تبناها الأردن واستضافها، يبحث في كيفية السير قدماً في تنفيذ القرار 2254 الخاص بتكوين السلطة في سورية، ويراقب المتابعون للشأن السوري لرؤية نتائج الاجتماع، حيث يواجه المجتمعون تحديات عملية في ظل وجود قوتين فقط تملكان نفوذاً داخل المعادلة السورية الجديدة، تركيا أولاً التي تشكل خلفية القوة المسيطرة على الجغرافيا السورية والتي تشكل حركة تحرير الشام قوّتها الرئيسية، ومقابلها أميركا التي تشكل القوة الحامية والداعمة لقوات سورية الديمقراطية التي تسيطر على شمال شرق سورية، والسؤال المحوري الذي ينتظر أن يجيب عنه الاجتماع هو هل هناك فرصة لإعادة توحيد سورية وفق صيغة القرار 2254، أم أن واشنطن وأنقرة تفضلان التنسيق لتفادي الصدام بين الحكومة الجديدة في دمشق وقوات سورية الديمقراطية، أم أنهما تريدان مقابل هذا الحضور ضمان مصالح ثابتة في صيغة الحكم الجديد لسورية، حيث يسعى الأكراد الى صيغة فدرالية تحفظ لهم قواتهم العسكرية ومصادر الثروة النفطية على طريقة اقليم كردستان العراق، إضافة لمكانة في الدولة السورية المركزية، بينما تحدث الرئيس التركي رجب اردوغان عن نجاح حكومته بتحقيق مصالح تركية عليا، سواء بإنهاء ملف النزوح السوري الى تركيا، او بناء حكومة صديقة، او إعلان عزمه على مقاتلة القوة الكردية المسلحة كمصدر للخطر، مضيفاً إليها تنظيم داعش، الذي تثير عودته مخاوف إقليمية ودولية، يتحدث عنها الأوروبيون والأميركيون ويحذر العراق منها معلناً استعداده لقتالها مرة أخرى، لكن أردوغان لمح الى خطاب مختلف عندما تحدّث عن ان الحرب العالمية ألى شهدت رسم خرائط جديدة في المنطقة، معتبراً أن العالم قد ينهار ويذهب إلى حرب عالمية ثالثة وفي هذه الحالة سوف تكون حلب وحماة ودمشق مثل غازي عنتاب وأورفة وهاتاي.
لبنانياً التقى قائد الجيش العماد جوزاف عون ومسؤول الارتباط في «حزب الله» وفيق صفا ومسؤول الإعداد والتّوجيه في حركة «أمل» أحمد بعلبكي، وقالت مصادر متابعة للقاء إنه أكد أهمية مواصلة التنسيق لضمان تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، وأشارت المصادر إلى أنّ «المجتمعين بحثوا في كلّ الملفّات المتعلّقة بجنوب الليطاني وكلّ لبنان، بأجواء هادئة، وسط وجود رغبة مشتركة لمعالجة القضايا الأمنيّة أو الّتي تتعلّق بموضوع السّلاح»، موضحةً أنّ «اللّقاء أظهر أنّ العلاقات بين قيادات الجيش والحزب والحركة يسودها الانسجام الوطني الكامل، والحرص المشترك على معالجة أي تباين ميداني بروح المسؤوليّة الوطنيّة العالية».
وغداة انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من مدينة الخيام واصلت وحدات الجيش اللبناني انتشارها في المدينة، حيث أعلنت قيادة الجيش، في بيان أن «وحدات من الجيش تعمل على فتح الطريق الرئيسي المؤدي إلى بلدة الخيام – مرجعيون والممتدّ من شمالها إلى جنوبها، من خلال إزالة الردم والذخائر غير المنفجرة من مخلفات العدوان الإسرائيلي، كما تقوم بالانتشار داخل البلدة، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار (Mechanism) وذلك ضمن خطة الانتشار في المنطقة». وأعادت قيادة الجيش التأكيد على خطورة اقتراب المواطنين من المنطقة، وأهمية التزامهم بتعليمات الوحدات العسكرية إلى حين انتهاء الانتشار.
وتوقعت مصادر معنية لـ»البناء» استمرار قوات الاحتلال الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في القرى الجنوبية الحدودية خلال الأيام والأسابيع المقبلة، مشيرة إلى الدور الهام الذي يؤديه عضو اللجنة الخماسية الجنرال الأميركي في الضغط على «إسرائيل» للانسحاب ووقف الخروق وما زيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الى لبنان والإشراف على عملية الانسحاب إلا دليل على ذلك. ورجحت المصادر «الانتقال الى المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار بعد التأكد من الانسحاب الإسرائيلي من كافة المناطق التي احتلها، على أن تتثبت اللجنة الخماسية عبر الجيش اللبناني واليونفيل من نقل حزب الله سلاحه إلى خارج منطقة الليطاني تمهيداً لإطلاق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان و»إسرائيل» حول النقاط المتنازع عليها ومزارع شبعا والغجر وتلال كفرشوبا المحتلة».
وعلى الرغم من التطمينات الأميركية – الفرنسية غير أن العدو الإسرائيلي واصل عدوانه على الجنوب، حيث أغارت مسيرة اسرائيلية على منطقة تبنا قرب البيسارية. كما حلقت مسيرات إسرائيلية بشكل مكثف فوق قرى وبلدات مدينة صور، وخصوصاً في أجواء عين بعال – باتوليه – حناوية وقانا والقليلة والمنصوري والسهل الممتد بين القليلة وصور.
وفي سياق ذلك، وجّه المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، تحذيرًا جديداً إلى عدد كبير من سكان جنوب لبنان من الانتقال جنوبًا إلى خط القرى ومحيطها.
وفيما أكدت مصادر مطلعة في فريق المقاومة لـ»البناء» الثقة الكاملة في الجيش اللبناني وقيادته في الحفاظ على الأمن في الجنوب وعلى الحدود الشمالية والشرقية، نافية أي خلافات بين المقاومة وحزب الله، طمأنت إلى أن لا مخاوف من وضع الجيش في مواجهة المقاومة وأهالي الجنوب، بل المقاومة والجيش على تنسيق دائم ووفاق على الدور الأساسي والريادي للجيش في الجنوب وعلى كامل الأراضي اللبنانية.
وبخلاف ما أوردته بعض مواقع التواصل الاجتماعي، أفادت مصادر قناة «المنار»، عن «لقاء ممتاز جمع رئيس وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا مع قائد الجيش العماد جوزاف عون»، لافتاً إلى أن «اللقاء بين وفيق صفا وقائد الجيش أكد على استمرار العلاقة بين الجيش والمقاومة في مسارها الصحيح لما فيه مصلحة الوطن».
وذكرت «المنار»، أن «اتفاق بين الحاج وفيق صفا وقائد الجيش على البقاء على أعلى درجات التنسيق من اجل تحقيق ما يتعلق بهما لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار (1701)».
والتقى وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، قائد الجيش ورئيس الأركان اللواء حسان عودة. وتباحثوا في الأوضاع الأمنية في البلاد لا سيما في الجنوب وبدء انتشار الجيش إنفاذاً لترتيبات وقف إطلاق النار وخطة الانتشار في المنطقة بالتنسيق مع اللجنة الخماسية لمراقبة تنفيذ هذه الترتيبات. وأشار سليم الى «مواصلة الجيش الإسرائيلي تنفيذ خروقه واعتداءاته على قرى الجنوب في خرق فاضح لبنود ترتيبات وقف إطلاق النار وللتعهدات التي قدّمتها الدول الراعية لها، وفي انتهاك صارخ للسيادة اللبنانية وللقرار 1701».
وأكد أن «على المجتمع الدولي لا سيما الدول الراعية لوقف إطلاق النار الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف انتهاكاته والالتزام بالترتيبات التي تقضي بوقف الأعمال العدائية والانسحاب الى ما وراء الحدود الدولية تطبيقًا للقرار 1701».
إلى ذلك، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من الفاتيكان خلال لقاء استقبله البابا فرنسيس في مكتبه وعقد معه خلوة استمرّت نصف ساعة، السعي «لوضع حد للشغور في سدة الرئاسة في القريب العاجل»، وقال ميقاتي: أبلغت قداسته أنَّ الدور المطلوب من القيادات المسيحية في هذا الملف هو الأساس بالشراكة والتعاون مع كل المكوّنات اللبنانية». أضاف: «إن رئاسة الجمهورية لا تعني المسيحيين وحدهم بل هي استحقاق وطني بامتياز تتشارك فيه كل مكوّنات المجتمع اللبناني.. هذا ما نؤمن به ونتمنى أن يتحقق في القريب العاجل». وأكمل: «كذلك، أثرت مع قداسة البابا والمسؤولين في الكرسي الرسولي عدداً من المواضيع ومنها الضغط على «إسرائيل» لجلاء موضوع الأسرى اللبنانيين في «إسرائيل» والإسراع في الانسحاب من الاراضي اللبنانية، تنفيذاً لتفاهم وقف إطلاق النار».
رئاسياً، تواصلت المشاورات بين الأطراف السياسية، وأفادت معلومات «البناء» عن لقاءات واتصالات تحصل بعيداً عن الإعلام بين مرجعيات وقيادات فاعلة في اللعبة الرئاسية، مع خطوط مفتوحة بأعضاء اللجنة الخماسية الدولية، الذين يبلغون دولهم بالتطورات المتصلة بالملف الرئاسي. ولفتت أوساط نيابية لـ»البناء» الى أن فرص التوصل الى تفاهم بين القوى السياسية على انتخاب رئيس جديد للجمهورية تتزايد في ظل تجمّع مؤشرات إيجابية تدل على ذلك، أهمها الحركة الداخلية المكثفة والحراك الدبلوماسي المواكب، والاهتمام الدولي وتحديداً الأميركي – الفرنسي، الى جانب تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يلعب دوراً محورياً على هذا الصعيد، من أنه مصر على أن تنتج جلسة 9 كانون المقبل رئيساً للجمهورية.
وأكد السفير المصري علاء موسى، أن «الرئيس القادم يجب أن يحمل معه مواصفات معينة تسهل عمله، فالمطلوب منه أمور عدة ينبغي ان يتعامل معها وان يكون لديه تكاتف من القوى السياسية». وأوضح موسى أن «المقصود بالرئيس الجامع أن يكون حاصلًا على التوافق بين الكتل النيابية، وبالتالي يجب ان يأتي بأكبر عدد من الأصوات». وكشف عن أن «الاجتماع الأخير بين اللجنة الخماسية والرئيس نبيه بري كان من أفضل وأكثر الاجتماعات وضوحاً، وبري أكد التزامه بجلسة 9 كانون الثاني وأنه يسعى الى الوصول لرئيس توافقي وأن الرئيس سيدعم القرار 1701».