الشيخ ابراهيم العاملي
قد ينظر البعض إلى مسألة تطبيع علاقات الدول العربية والإسلامية والمسيحية مع الكيان الصهيوني المؤقت الغاصب لأرض فلسطين الإسلامية والمسيحية واليهودية على أنه عبارة عن روابط ثقافية وسياحية واقتصادية تجارية وصناعية وسياسية وتكنولوجية تجمع بعض الدول بالكيان الصهيوني المؤقت ، فتفتح به المجالات الجوية والبرية والبحرية للسياحة وتبادل الثقافة والخبرات التقنية والعلمية ، ولاستيراد ما هو نافع للشعوب العربية والإسلامية والمسيحية ، وذلك يضع حداً للنزاعات المسلحة والحروب التدميرية والقتل وسفك الدماء المستمر بين العرب والمسلمين والمسيحيين وكيان إسرائيل منذ احتلاله لمقدسات المسلمين والمسيحيين في فلسطين منذ أكثر من خمسة وسبعين عاماً .. !
ولكن القضية بالنظرة الواقعية الاستراتيجية هي أكبر من ذلك ، فالتطبيع سيفتح أبواباً أخرى للنزاعات الثقافية والاقتصادية والوجودية ..
فعلى الصعيد الثقافي إسرائيل لن تصدر لنا التقنية والخبرات العلمية كما لم تفعل مع الدول المطبعة معها منذ عقود وهي جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية .. بل الوضع يزداد سوءاً هناك .. فما ستصدره إسرائيل هي الثقافة الإباحية المسمومة التي ستدخل من بابها العريض إلى المجتمعات المُطبِّعة لتكون طعام وشراب الأجيال الصاعدة ، مما سيقضي على نبوغ هذه الأجيال عندما تغرق في الحيوانية الجنسية التي ستكثر أدواتها ومواقعها ومجالاتها بعد التطبيع الثقافي ..
وعلى صعيد الاقتصاد ستغزو الصناعات الصهيونية الأسواق – خصوصاً العربية المطبعة – وستتعطل محفزات الإنتاج المحلي فتتراجع معدلات النمو الاقتصادي التي قد تلامس نسبة الصفر في المئة على المدى البعيد ..
وعلى الصعيد الوجودي فإن الكيان الصهيوني سيحرص على تصدير أغذية وأدوية تضر بالنسل والصحة والقدرة على التكاثر والإنجاب مع مرور الزمن ليحصل في المنطقة العربية مع مرور الزمن تماماً كما حصل للهنود الحمر في أمريكا عندما قامت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بغصب القارة الأمريكية من سكانها الأصليين الهنود الحمر ، فقضت على تكاثر الهنود الحمر بواسطة الغذاء والدواء ، خصوصاً سياسة بعض اللقاحات الشيطانية ..
وهذا السيناريو سيتكرر على المديين القريب والبعيد مع شعوب المنطقة العربية بواسطة الدول المطبعة مقدمة لتوسع الكيان جغرافياً في مرحلة لاحقة يخطط فيها لبناء امبراطوريته المزعومة على أنقاض الدولة العربية …
فهل سندرك مخاطر التطبيع الثقافية والاقتصادية والوجودية ؟
مركز الدراسات الإستراتيجية المحلية والإقليمية والدولية