تتجه المباحثات التي تشهدها العاصمة القطرية الدوحة بين الوسطاء الأميركي، القطري، المصري والاسرائيلي الى مزيد من الايجابية للوصول الى إتفاق لوقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل الأسرى، خصوصا أنها تتسم بالجدية والواقعية بعد فشل الكيان الغاصب في إنهاء الحرب على غزة وفي القضاء على حركة المقاومة الاسلامية “حماس” وفي إستعادة الأسرى بالقوة.
ومما ضاعف من هذه الايجابية هو البيان الذي أصدرته “حماس” أمس، وأكدت فيه أن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ممكن إذا توقف الاحتلال عن وضع شروط جديدة.
لا شك في أن حكومة الاحتلال باتت محرجة أمام المجتمع الاسرائيلي، فهي فشلت في البداية بحماية الكيان وتعرضت لأكبر هزيمة في تاريخ الصراع في السابع من أكتوبر، ومن ثم فشلت في تحقيق أهداف الحرب على غزة، ولم تف بوعودها حول إيقاف الصواريخ وتنفيذ العمليات العسكرية ضد الجيش الصهيوني الذي يؤكد قادته أنه يتعرض لحرب إستنزاف ولم يعد قادرا على التحمل وصولا الى وزير الدفاع الاسرائيلي الذي إعترف بضرورة إراحة الجيش، فضلا عن ضغط الادارة الأميركية الجديدة التي تسعى الى تبريد المنطقة مع دخول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض، ومطالبة الشارع الاسرائيلي وأهالي الأسرى بالوصول الى خاتمة سعيدة لمن تبقى من أبنائهم على قيد الحياة.
في غضون ذلك، يضغط تفاهم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع لبنان على الحكومة الاسرائيلية، في ظل دعوات داخلية الى إبرام تفاهم مماثل في غزة، خصوصا بعدما أيقن الجميع أن ما لم يتحقق في الأشهر الأولى من الحرب لن يتحقق بعد مرور 438 يوما، حيث نقلت القناة 12 عن لسان أحد المسؤولين الاسرائيليين أننا “لو بقينا عشرين عاما لن نستطيع الوصول الى آخر صاروخ لدى “حماس” ولن نتمكن من إنهاء العمليات العسكرية ضد جيشنا”.
وفي الاطار نفسه، تضغط المحاكمات التي إنطلقت بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يفتش عن أي إنجاز يغطي عليها ويخفف من سلبياتها عليه، ويشغل وسائل الاعلام الاسرائيلية عنه، ولا يوجد في الوقت الحالي أهم وأبرز من وقف إطلاق النار في غزة وإرضاء أهالي الأسرى بالافراج عن أولادهم لدى “حماس”، خصوصا في ظل بعض الاحصاءات التي تشير الى أن نحو 69 بالمئة من المجتمع الاسرائيلي يؤيدون وقف إطلاق النار في غزة.
في المقابل، تبدي المقاومة الفلسطينية بعض المرونة، لجهة إمكانية القبول بهدنة 60 يوما كما حصل في لبنان، مع تعهدات وضمانات أميركية وعربية أن تتحول الى وقف دائم لإطلاق النار، فضلا عن إنسحاب الجيش الاسرائيلي على مراحل وبشكل تدريجي بدل الانسحاب بشكل كامل من أول يوم.
وتشير المعلومات الى أن ثمة أفكار كثيرة تناقش على طاولة البحث حول الأسرى، لجهة أن تبدأ عملية التبادل بإطلاق سراح من هم تحت 19 عاما وفوق 50 عاما والنساء، مقابل إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين من السجون الاسرائيلية بنفس الأعمار مع النساء، حيث يفترض أن يتم إستبدال كل أسير إسرائيلي بنحو 30 الى 33 معتقلا فلسطينيا، في حين أن البحث بشأن الضباط والمجندين ما يزال في بدايته، ويفترض أن يأخذ نقاشا مطولا في ظل تشديد المقاومة على إطلاق سراح كبار القيادات الفلسطينية مع أعداد كبيرة من الشبان المعتقلين.
وتشير المصادر الى أن المقاومة الفلسطينية تتعاطى بكثير من الانفتاح والايجابية مع المباحثات الجارية في الدوحة، بالرغم من أن العدو لا يمكن لأي كان أن يأمن جانبه إلا أن الكرة باتت في ملعبه، لكنها تعتمد بشكل كبير على الوسطاء، وفي حال أفشل العدو هذه المباحثات مجددا، فلن يكون أمام المقاومة سوى الصمود والاستمرار في الحرب، خصوصا أنه ليس من أدبيات المقاومة ولا الشعب الفلسطيني أن يرفع الراية البيضاء.
غسان ريفي