الأربعاء, ديسمبر 18
Banner

من مورفي إلى مسعد: رئاسة الجمهورية بين الفوضى والإنتظار!

قبل 36 عاماً عاد الموفد الأميركي ريتشارد مورفي من العاصمة السّورية دمشق، بعدما التقى الرئيس السّوري حينها حافظ الأسد، ناقلاً منها جواب الأسد على مقترح إختيار إسم من بين 6 أسماء لاختيار أحدهم رئيساً للجمهورية وضعهم وقتها البطريرك الماروني نصر الله صفير في لائحة مصغّرة، قبل الوصول إلى الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى في 22 أيلول من ذلك العام.

لكنّ مورفي عاد حينها إلى بيروت حاملاً إسماً واحداً، ومن خارج اللائحة، إشترطه الأسد الأب، هو نائب عكّار وقتها مخايل الضاهر. مورفي قال حينها أمام من التقى بهم في مقر البطريركية المارونية في بكركي: “إذا لم تنتخبوا رئيساً، فلكم أن تتخيّلوا ما الذي سيحصل. سيتسبّب الفراغ بفوضى”، ما جعل المجتمعين بالموفد الأميركي يجدون أنفسهم واقفين بين خيارين لا ثالث لهما: إمّا إنتخاب الضاهر رئيساً أو الفوضى، فذهبوا باتجاه الخيار الثاني وكان ما كان.

بعد ثلاثة عقود ونصف تقريباً شهد خلالها لبنان والمنطقة تطورات وتحوّلات هائلة على مختلف الصّعد، إنقلب فيها المشهد السّياسي في لبنان وفي عدد من الدول العربية رأساً على عقب، يُكرّر فيها اليوم التاريخ نفسه، بحيث إتضح على ما يبدو أنّ أحداً لم يتعلّم شيئاً من دروس الماضي.

فلبنان يعاني منذ أكثر من سنتين وشهرين من فراغ في رئاسة الجمهورية منذ أن غادر الرئيس السّابق ميشال عون قصر بعبدا أواخر شهر تشرين الأوّل من العام 2022، في ظلّ تطوّرات غير مسبوقة غيّرت معالم لبنان والشّرق الأوسط والصّراعات المتوالدة فيه، من غير أن تعرف نهايات عادلة لها.

إذ بعدما وُضع قرار وقف إطلاق النّار بين لبنان وإسرائيل حيّز التنفيذ في 28 تشرين الثاني الماضي، حدّد يومها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي يوم التاسع من كانون الثاني المقبل موعداً لجلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، هي الـ13 منذ الفراغ الرئاسي، ما جعل البعض في الداخل والخارج يأمل أن تضع تلك الجلسة حدّاً لخلو سدّة الرئاسة الأولى.

لكن قبل أن تمرّ 48 ساعة على دعوة برّي المجلس للإنعقاد، سُجّل تطوّر لافت تمثل في موقف لافت أطلقه مسعد بولس، اللبناني الأصل ومستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للشّؤون العربية والشّرق أوسطية، بقوله إنّ “من صَبَر سنتين يمكنه أن يصبر شهرين أو ثلاثة أشهر بعد، ويعمل على الأمر بشكل متكامل ودقيق بعيداً عن التسرّع”، ما أعاد إلى الأذهان ولو بمضامين مختلفة تجربة سلفه مورفي التي ما تزال حاضرة بتداعياتها، وطرح جملة أسئلة حول أسباب موقف بولس، ولماذا دعوته اللبنانيين إلى الإنتظار شهرين أو ثلاثة قبل انتخاب رئيس جمهوريتهم وفرملة إندفاعتهم، وسط نزول فرقاء لبنانيين عند دعوته تأجيل الإنتخابات، وهل هناك تطوّرات معينة منتظرة دفعته لذلك، إحداها ما شهدته سورية بعد أيّام من موقفه، في 8 من الشّهر الجاري بإسقاط المعارضة نظام الرئيس السّوري السّابق بشّار الأسد، وهل أنّ هناك تطوّرات أخرى منتظرة في لبنان والمنطقة تفترض الإنتظار أكثر؟..

عبدالكافي الصمد – سفير الشمال

Leave A Reply