شكل موقف كتلة اللقاء الديمقراطي بتأييد ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية خطوة متقدمة وشجاعة، في ظل إحجام كل الكتل النيابية التي ما تزال تتحدث عن مواصفات رئاسية من دون أن تسقطها على أسماء مرشحين.
ما حمله بيان اللقاء الديمقراطي بعد الاجتماع الذي حرص النائب السابق وليد جنبلاط على أن يكون برئاسته، كان بمثابة “أول الغيث” حيث قد يؤدي هذا الترشيح الى إستدراج مواقف نيابية مماثلة داعمة لـ”العماد” والى ذهاب أخرى الى معارضته أو ترشيح شخصية ما بوجهه، ما يُفترض أن يعطي جلسة التاسع من كانون الثاني مزيدا من الجدية والزخم لتصاعد الدخان الأبيض من قبة البرلمان.
لم يعد خافيا على أحد أن ثمة إشارات دولية وعربية إيجابية جدا تجاه العماد جوزيف عون، وبالتالي فإن تبني كتلة اللقاء الديمقراطي لترشيحه في إجتماع برئاسة جنبلاط العائد من باريس يقدم إشارة هامة إضافية على ذلك، خصوصا أن “بيك المختارة” معروف بـ “راداراته” التي تلتقط كل إشارات المنطقة والدول المؤثرة فيها، وهو بدوره وضع رئيس مجلس النواب نبيه بري في أجواء زيارته، والذي يزداد إصرارا على إنعقاد الجلسة الرئاسية في موعدها بالرغم من كل المحاولات الداخلية لتأجيلها بحجة أننا “غير مستعجلين، ويمكن أن نأخذ المزيد من الوقت لإنجاز هذا الاستحقاق”، وبالطبع فإن هذا الوقت هو من أجل ضمان إيصال رئيس محسوب بشكل كامل على المعارضة.
كان لافتا تعاطي النائب جبران باسيل عبر مصادره مع موقف اللقاء الديمقراطي، حيث جاء بردة فعل عنيفة وغير مبررة، خصوصا لجهة رفض أن “يسمي جنبلاط مرشح المسيحيين، وأن هذا هو هنري حلو ثان”، في حين أن اللقاء الديمقراطي الذي يضم ثمانية نواب هو الذي سمى، ولم يسم مرشح المسيحيين بل سمى مرشحا لرئاسة كل الجمهورية اللبنانية (بحسب مصادر مقربة منه)، وبالتالي فإن باسيل الذي لم ينف مكتبه ما ساقته مصادره بهذا الخصوص، وقع في تناقض كبير، لجهة أنه لم يسم أحدا حتى الآن، ولا يريد لأي كتلة نيابية أن تسمي مرشحها كما مارست كتلة اللقاء الديمقراطي حقها في هذا الاطار، ويريد إحتكار تسمية المرشح لرئاسة الجمهورية للمسيحيين فقط.
أما المعارضة ومن ضمنها القوات اللبنانية ما تزال تعتمد مبدأ المناورة، لجهة الحديث عن المواصفات التي يصار الى حياكتها على مقاس رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يعتبر نوابه أن له الحق في الوصول الى قصر بعبدا، لذلك، فإن المعارضة لا سيما القوات التي لم تحسم أمرها ويبدو أنها لن تحسمه طالما أنها تعمل على تهيئة الأرضية لجعجع، وهي قد تلجأ الى مزيد من الضغط لتأجيل جلسة 9 كانون أو ربما تعطيل نصابها في حال إستطاعت ذلك، عسى أن تأتي الظروف بعد تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهامه لمصلحتها، خصوصا أن كل المواقف الصادرة عن القوات تؤكد أنها إنقلبت على ترشيح قائد الجيش.
هذا الأمر تناوله رئيس تيار المرده سليمان فرنجية في كلمته ليل أمس أمام كوادره، حيث أشار الى أنه “لا يجوز أن نفتح الباب لترشيح شخص عندما كانت مصلحتنا تقتضي ذلك، ومن ثم نسكر عليه”، مشيرا بذلك الى القوات بإنقلابها على قائد الجيش”.
فرنجية الذي أكد الحفاظ على تحالفه مع الثنائي الشيعي ودعاه في الوقت نفسه الى عدم الذهاب نحو مرشحين ليس لديهم حضور، أعاد خلط الأوراق بعدم إعلان إنسحابه من السباق الرئاسي، حيث ترك ذلك الى جلسة التاسع من كانون الثاني، فإذا كان التوافق قائما على مرشح على “قدّ المرحلة وعلى قدّ المركز وليس على قدّ الكرسي فقط” عندها يمكن أن ينسحب له، وما دون ذلك فإنه مستمر بترشيحه.
ورأت بعض المصادر في كلام فرنجية، أنه يقصد بتوصيف “مرشح على قدّ المرحلة وعلى قدّ المركز” قائد الجيش ويحاول تسويق ترشيحه لدى حلفائه تمهيدا لإنضاج ظروف إنتخابه في جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل.
غسان ريفي