الإثنين, ديسمبر 23
Banner

جنبلاط في قصر الشعب في زيارة سياسية وجدانية بأوجه عدّة!

شكلت زيارة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على رأس وفد من الطائفة إلى سوريا ولقائه رئيس دائرة العمليات السياسية أحمد الشرع، محطة سياسية وجدانية بعد قطيعة إستمرت نحو عقدين من الزمن وقف فيها جنبلاط ضد نظام الرئيس بشار الأسد ثم وقف إلى جانب الثورة السورية التي إنتصرت بعد ١٣ عاما وأطاحت بالنظام ورئيسه وقيادته.

دخل جنبلاط إلى قصر الشعب محاطا بشيخ العقل سامي أبي المنى، ونواب اللقاء الديمقراطي وشخصيات حزبية وسياسية وإعلامية، مهنئاً الشعب السوري على “نيله حريته بعد أكثر من نصف قرن من القهر والاستبداد”.

الزيارة التاريخية لجنبلاط ووفد الموحدين الدروز كان لها وجوهاً عدة:

على الصعيد السياسي، وبالرغم من أن “بيك المختارة” ليس في موقع تأسيس العلاقة بين سوريا ولبنان، لكنه قدم مذكرة تضمنت ١٣ بندا تمحورت حول بناء تواصل صحي ومستدام بين البلدين لا سيما في ما يتعلق بترسيم الحدود، وإقفال المعابر غير الشرعية ووقف التهريب وتنظيم الانتقال وفق القانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من البلدين، وأن ينحصر التعاطي السياسي من دولة لدولة.

ولعل ما قاله جنبلاط بعد اللقاء حول سورية مزارع شبعا، قد أثار العديد من التساؤلات، لكن مصادر مقربة أشارت إلى أن جنبلاط وجه رسالة مفادها أن النظام السابق لم يسلم لبنان الوثائق التي تثبت أن مزارع شبعا لبنانية لتقديمها إلى الأمم المتحدة، وأنه يجب على القيادة الجديدة أن تسلم لبنان الوثائق التي تثبت لبنانيتها، لأن خلاف ذلك يبقيها خاضعة للقرار ٤٢٤.

على الصعيد الشخصي، أراد جنبلاط للمرة الأولى منذ إغتيال والده الشهيد كمال جنبلاط أن يسمع في سوريا أن النظام السابق هو الذي نفذ هذه الجريمة، وقد أسمعه أحمد الشرع ذلك بالفم الملآن، فضلا عن قوله أن “النظام السابق إغتال الرئيسين بشير الجميل ورفيق الحريري”.

على الصعيد الدولي، إعتبر جنبلاط أنه بعد سقوط نظام الأسد لم يعد للقرار ٢٢٥٤ أي معنى، خصوصا أن سوريا الجديدة ستشهد حوارا وطنيا لإيجاد دستور مدني يحفظ التعددية ويعطي دورا لكل المكونات السورية.

على الصعيد الدرزي، فقد أثاره شيخ العقل سامي أبي المنى، وجاء رد الشرع مطمئنا، حيث أشار إلى أن جده كان رفيقا للمناضل سلطان باشا الأطرش خلال التصدي للإنتداب الفرنسي وتثبيت الدولة السورية، وأن الدروز مكون أساسي وسيكون لديهم دورا في بناء سوريا الجديدة، لافتا إلى أنه أرسل وفدا كبيرا إلى السويداء للاطلاع على وضعها وتقديم كل ما يمكن لأهلها للحفاظ على خصوصيتهم، وذلك في إشارة واضحة إلى أن التوسع الاسرائيلي لن يبقى على ما هو عليه.

عاد جنبلاط مرتاحا من سوريا، واصفا اللقاء بالممتاز، خصوصا بعدما سمع من أحمد الشرع كلاما واضحا حول مقاربة العلاقات مع لبنان الذي إعتبره ضحية للنظام السابق، لكنه شدد على “أن الأمور لا يمكن أن تحل بمنطق الغضب والثأر بل يجب التعاطي بإنفتاح مع الدولة اللبنانية”.

ولعل الموقف الأهم للشرع، تأكيده على أنه لا يجوز أن نبقى أسرى ١٤٠٠ سنة، وأن هذا الخلاف القائم بين السنة والشيعة لا يمكن أن يستمر، مشددا على التوجه نحو فتح صفحة جديدة وطيّ صفحة الماضي مع كل المكونات اللبنانية بغض النظر عن موقف هؤلاء المؤيد أو المعارض للثورة.

وتؤكد مصادر مواكبة للزيارة أنها لم تكن لطلب حماية الدروز أو ما شابه ذلك، بل هي زيارة رمزية بعد سقوط نظام الأسد، حيث وجد جنبلاط أن من واجبه أن يشد على يد الشعب السوري بعد إنتزاعه حريته، آملا أن ينجح في بناء الوطن الذي يليق بتضحياته وأن يحافظ على سوريا واحدة موحدة.

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply