لم تحجب عطلة عيد الميلاد تشابكاً متصاعداً بين أولويات إستحقاقيين متعاقبين ينتظرهما اللبنانيون بفارغ الصبر لتبيّن الوجهة التي سيفضي الاستحقاقان الى وضع لبنان على سكتها المقبلة.
فالاستحقاق الاول يتصل بالاستعدادات لانعقاد الجلسة الانتخابية الرئاسية في 9 كانون الثاني/يناير المقبل، والاستحقاق الثاني يتمثل في ضرورة إنجاز الاجراءات التي تكفل انسحاب القوات الاسرائيلية من القرى والمواقع الحدودوية التي تحتلها في الجنوب قبل انتهاء مهلة الـ 60 يوما التي حددها اتفاق وقف الاعمال العدائية الموقع بين لبنان واسرائيل.
ولكن بدا في الايام الاخيرة أن خطراً طارئاً وبالغ الجدية ارتسمت معالمه من خلال الوقائع التصعيدية التي تشهدها المنطقة الحدودية حيث تضاعف اسرائيل انتهاكاتها لاتفاق وقف الاعمال العدائية وتتذرع ببطء انتشار الجيش اللبناني في مجمل جنوب الليطاني في حين يعمد الجيش الاسرائيلي يوميا الى توجيه تحذيرات الى اهالي اكثر من ستين بلدة وقرية جنوبية يحظر عليهم عبرها العودة راهنا الى بلداتهم وقراهم. ووفق المعطيات المتوافرة في هذا السياق، ان ثمة ريبة وشبهات كبيرة تكتنف الجانب اللبناني الرسمي من امكان ان تكون هناك نيات مبيتة لدى اسرائيل لتمديد بقائها الاحتلالي لمواقع وقرى جنوبية وربما التخطيط لتوسيعها بعد 27 كانون الثاني وهو موعد انتهاء مهلة الشهرين اذا تذرعت بان الجانب اللبناني الرسمي اخفق في استكمال تنفيذ التزاماته لجهة الانسحاب التام الجذري لـ”حزب الله” من جنوب الليطاني وانتشار الجيش الى جانب “اليونيفيل” في كامل المنطقة.
ولذا يسابق لبنان هذا الاستحقاق بتحرك نشط نحو الدولتين الراعيتين لاتفاق وقف النار اي الولايات المتحدة وفرنسا بحيث اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد ظهر امس بالضباط من فريقيهما العسكريين في لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف النار ووضع دولتيهما في موقع تحمل المسؤولية الكبرى عن عدم ردع اسرائيل عن عرقلة انتشار الجيش مشددا على الجاهزية الكاملة للجيش لاستكمال الانتشار ومؤكدا ان “حزب الله” يلتزم التزاما كاملا تنفيذ الاتفاق. وينتظر لبنان بل ويرصد نتيجة تحركه الضاغط فيما ينسق ميقاتي أولاً بأول في هذا السياق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اجتمع معه قبل لقائه امس مع ممثلي الولايات المتحدة وفرنسا في لجنة مراقبة اتفاق وقف النار. ولم يتأكد بعد ما تردد عن احتمال قيام الموفد الاميركي الذي لعب دوراً كبيرا في التوصل الى اتفاق وقف النار آموس هوكشتاين بزيارة جديدة لبيروت ولكن مجرد اثارة هذا الاحتمال بدا بمثابة مؤشر الى خطورة ما يترتب على تعثر اتفاق وقف النار .
النهار