منذ بدأ العد العكسي لانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون توالت تصريحات البطريرك الماروني بالدعوة للإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، ومع تنامي الشغور الرئاسي صوبت البطريركية سهامها على الثنائي الوطني بشكل عام، وعلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري بشكل خاص، متهمة اياهما بالتعطيل، كذلك فعلت المعارضة وعلى رأسها القوات اللبنانية التي تحاول تسيد هذه المعارضة.
في رسالة الميلاد صباح يوم الأربعاء في 25 كانون الأول 2024 ، وفي عظة الأحد في 29 من الشهر نفسه، أعاد غبطة البطريرك دعوته لانتخاب رئيس للجمهورية، ومندداً بالمعطلين الذين ينتظرون الخارج، ولكن سهام غبطة البطريرك لم تكن هذه المرة باتجاه الثنائي أو رئيس المجلس النيابي ، الذي ما زال مصراً على جلسة انتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني من العام 2025، مؤكداً على عقد دورات متتالية حتى خروج الدخان الأبيض من المجلس النيابي، سهام غبطة البطريرك كانت موجهة إلى المعارضة ، وتحديداً القوات اللبنانية التي تسعى إلى تأجيل الجلسة لما بعد تولي الرئيس الأميركي ترامب مهامه ، لاعتقادها بإمكانية وصل رئيسها سمير جعجع إلى سدة الرئاسة ، لأنه ــ حسب تعبيره ــ الأقدر على تنفيذ سياسة الرئيس ترامب لتحقيق الشرق الأوسط الجديد، كما لوحت القوات على لسان النائب بيار بو عاصين بإمكان القوات مقاطعة جلسة الانتخاب، أو تطيير نصابها تحت عنوان “إجراء تقييم لكل العملية، ومنع مرشح الممانعة من الوصول..”
حسابات حقل القوات لم تنطبق على حساب بيدرها، إذ أن حظوظ ترشيح جعجع تراجعت كثيراً، بعد تلمس القوات من خلال اتصالاتها مع اركان المعارضة عدم تجاوب الكثيرين مع هذا الترشح، يضاف إلى ذلك “الهدف القاتل” الذي سجل رئيس الحزب التقدمي السابق وليد جنبلاط في مرمى سمير جعجع، فجعجع الذي كان بانتظار زيارة جنبلاط لينال دعم ترشيحه، فاجأه جنبلاط بإعلان تأييد انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، والذي يبدو أنه يحظى بتأييد قوى عربية وغربية، وتأييد عدد من النواب، يضاف إلى ذلك تصريح أمين عام حزب ” الطاشناق” النائب هاغوب بقرادونيان أن ” جعجع اسم تحد”، ما دفع بجعجع إلى التهديد بإفشال الجلسة في 9 كانون الثاني.
وبالرغم من المضي بتبني ترشيح سليمان فرنجية من قبل الثنائي طالما لم يُعلن سحب ترشحه، فإن الإشارات تتجه صوب انتخاب العماد جوزف عون، خاصة بعد ما نقلت قناة الجديد عن مصادر مقربة من الرئيس نبيه بري قولها إنه ” في حال التوافق على قائد الجيش لرئاسة الجمهورية وانتخابه ب 86 صوتاً عندها لن يكون هناك حاجة إلى تعديل دستوري انطلاقاً من سابقة الرئيس الأسبق ميشال سليمان”.
وبانتظار وصول الوفد الفرنسي، والوفد السعودي، والسيد هوكشتاين إلى لبنان، وتبليغ الرئيس نبيه بري كلمة السر، فإن العملية الانتخابية تتم في وقتها، إلا إذا جمعت المصيبة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، واتفقا على تعطيل الجلسة لقطع الطريق على وصول قائد الجيش، أو أي مرشح لا يكون للطرفين أو أحدهما مصلحة بمجيئه، وهذا ما يخشاه غبطة البطريك وعبر عن بغضب في رسالة الميلاد وعظة الأحد.
يبدو أنه طالما لم تصبح كلمة السر في جيب الرئيس نبيه بري، فإن جلسة انتخاب رئاسة الجمهورية ستبقى في علم الغيب.