عام 2024 الأصعب والأسوأ بتاريخ لبنان ماذا عن العام 2025؟ ها نحن نطوي آخر صفحة من صفحات عام أقل ما يقال عنه انه عام مرير بكل ما للكلمة من معنى وعلى جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية وأهمها الأمنية التي تجلت بالعدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان مع ما خلّفه من قتل ودمار أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية المستمرة منذ خمس سنوات نتيجة الخسائر المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد من جراء الحرب وها نحن نستقبل عاماً جديداً مُثقَلا بأزمات سلفه فهل سيتمكن لبنان من مواجهة هذه الأزمات ومعالجتها والخروج من هذا النفق المظلم والعبور إلى بر الأمان الذي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المنتظرة في التاسع من الشهر المقبل يليه تشكيل حكومة تكون أولوياتها تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية المنتظرة والتي أصبحت معروفة للجميع كي ينعم لبنان بالاستقرار المنشود على جميع الأصعدة ااسياسية والأمنية والاقتصادية وكما يقول الخبير الاقتصادي الدكتور بلال علامة في حديث للديار عام 2024 الأصعب والأسوأ بتاريخ لبنان، فقد شهد لبنان عامًا حافلًا بالأحداث الدراماتيكيّة والتصعيدات السّياسيّة والأمنيّة، وصولًا إلى لحظة توسع الحرب في أيلول وهي الأعنف والأكثر دمويّةً في تاريخه، حيث وقف اللبنانيون حينذاك أمام “الحدث الأمنيّ” الجلّل الذي سرعان ما استحال حربًا، مفجوعين، وهم موقنون تمام اليقين أن كل الجهود الديبلوماسيّة والسّياسيّة وكل “التطمينات” التي تستبعد سيناريو الحرب الشاملة أو التصعيد قد تلاشت وباتوا أمام الحرب الشاملة التي شنّها العدو الإسرائيلي على لبنان دون هوادة.
أضاف: عام مرير وصعب عاشه اللبنانيون على مختلف الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية فمنذ بداية هذا العام ويحاول المواطنون التأقلم مع الأزمات وتحسين ظروف عملهم مع توقع البنك الدولي مطلع عام 2024 أن يسجل الاقتصاد اللبناني نمواً قدره 0.5% إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل مع اندلاع الحرب مع إسرائيل في 23 من أيلول وما تكبده لبنان من خسائر فاقت 15 مليار دولار معرقلةً كل المساعي الإنقاذية.
إذ لبنان الذي لا يزال من دون رئيس للجمهورية وحكومة تصريف أعمال ظلّ بعيداً عن إقرار خطط إصلاحية تُخرج البلاد من أزماته المتلاحقة ليسجل المرتبة الأولى بعدد الشباب العاطل من العمل بنحو 47.8 % بحسب منظمة العمل الدولية. نسبة سترتفع مع الخسائر التي خلفتها الحرب بتضرر 70% من القطاع الزراعي بأضرار طويلة الأجل وخسارة نحو 3 مليار دولار في القطاع السياحي وملياري دولار في القطاع الصناعي مع توقف حوالى 30% من المصانع وانخفاض النشاط في هذا القطاع بحدود 50% بحسب الهيئات الاقتصادية.
و يتابع علامة: أيضاً لقد شهد العام 2024 أكبر موجة تدمير عمراني في لبنان بعد شهرين من الحرب الضروس التي شنت على لبنان والتي وصلت أرقام الدمار فيها الى حوالي 175 الف وحدة سكنية بشكل كامل وجزئي وفي وقت يحكى عن تدمير كامل لحواليى30 بلدة وقرية بمحاذاة فلسطين المحتلة وفي جنوب نهر الليطاني.
وأشار علامة إلى أنه بموازاة الدمار وخسائر القطاعات الإقتصادية خسر العديد من العاملين فرص العمل وتقلصت المداخيل بنسبة كبيرة، ولقد شهد لبنان ما بين شهري أيلول وتشرين الثاني أكبر موجة نزوح داخلي قدرت بحوالى مليوني ألف نازح اضطروا الى ترك منازلهم وقراهم في ظروف قاهرة ومفاجئة “مما شكل مشكلةً كبيرة بالنسبة للحكومة اللبنانية التي كانت قد أعلنت عن خطة طوارئ لمواكبة حركة النزوح الذي سرعان ما تبين انها خالية من المضمون وتفتقر الى التمويل اللازم لتفعيلها” ، لافتاً إلى أن هذه المشاكل أضيفت الى مشاكل النزوح المتراكمة على لبنان بدءاً باللاجئين الفلسطينيين ومروراً بالنازحين السوريين الذي قارب عددهم مليوني نازح والمعروف أن النزوح أحد أسباب نزف الخزينة اللبنانية وأحد أسباب إهلاك وتدمير البنى التحتية والخدمات في لبنان.
و في حديثه عن موازنة 2024 رأى أنها لم تكن صفرية كما أقرت لا بل سجلت خسارة وعجز كبيرين من غير الممكن تحديده رقمياً كون وزارة المالية لم تصدر أي بيان أو توضيح للأرقام بينما ما زال المجلس النيابي غائباً عن الوعي ومتساهلاً مع عدم وجود قطوعات للحساب في حالةٍ متكررة منذ سنوات عدة، “أما مشروع موازنة 2025 فيبدو أنه بانتظار التعديل وفقاً لنتائج الحرب وحتى الساعة لم يتم إقرار القوانين الإصلاحية الأساسية كإعادة هيكلة المصارف التي قد تعيد الثقة للقطاع المصرفي في وقت أدرج لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل الدولية نتيجة تحول اقتصاده إلى نقدي بنسبة تفوق 90% وغياب الاصلاحات المطلوبة منه من قبل البنك الدولي ” .
إلا أن الجانب الإيجابي وفقاً لعلامة اقتصر فقط على زيادة حجم احتياطي مصرف لبنان إلى 10.3 مليار دولار الذي سرعان ما تقلص بقيمة ثلاثمئة مليون دولار علماً أن أحد أوجه الإيجابيات هو المحافظة على استقرار في سعر الصرف.
و يختم علامة بالقول: مع توقف الاعمال العسكرية ومع بدء عودة النازحين الى مناطقهم وقراهم يترقب لبنان بحذر التمويل الدولي لمساعدته بإعادة الإعمار من جهة وللدفع بإتجاه النهوض الاقتصادي من جهة أخرى علماً أن عملية الترقب تحصل في ظل عودة التوتر الى الساحة اللبنانية بعدما بدأ الحديث عن عدم نضوج جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية المحددة في 09/01/2025 ومع عودة الحديث والتقديرات عن إمكان أن تعود إسرائيل لشن حربها على لبنان في جولة ثانية قد تكون أعنف وأقسى من الاولى.
كل ذلك يحصل وما زال اللبنانيون يتأملون أن يحمل العام المقبل مرحلة جديدة من السلام والأمان والاستقرار وأن يرافقهم تغيير جذري في الواقع اللبناني يبشر بنهوض اقتصادي ومالي طال انتظاره.
أميمة شمس الدين – الديار