الإثنين, يناير 6
Banner

عيناثا مسرح عمليّات للعدوّ… وصمت رسمي

عيناثا هي إحدى القرى الجنوبية الحدودية الوادعة من قرى قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، وقد أُطلق عليها هذا الاسم لوِفرة عيون الماء فيها، ويقال إنّ أصل التسمية كلمة آرامية مركّبة من جزئين؛ “عين” وتعني عين المياه، و”آثا” إسم لأحد الأمراء، الذي فقد عينه في معركة في عيناثا.

يحدّ هذه البلدة؛ كونين شمالاً، ومحيبيب وبليدا شرقاً، وخراج بلدة برعشيت من الشمال الشرقي، وعيثرون من الجنوب الشرقي وبنت جبيل غرباً، وتُعدّ مساحتها كبيرة جدّاً إذ تبلغ 20.000 دونم، وتلفّها خمسة تلال هي: فريز، السدر، المطيحنة، السلاسل والبياض والشعيرة.

ومع تداعيات حرب غزة على لبنان وتوسّع العدوان الغاشم جنوباً، رزحت عيناثا، ولا تزال، تحت نيران العدوّ بعدما تحوّلت مسرحاً لأعماله الإجرامية، فحوّلها بدوره منطقة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى، بعدما لم يراع فيها لا حجراً ولا بشراً، بدليل أنّ حجم الأضرار التي تسبّب بها عبّرت عن مدى حقده عليها وعلى أبنائها، على حدّ تأكيد رئيس البلدية الدكتور رياض فضل الله.

فالتدمير الكامل لحق بأكثر من 200 وحدة سكنية ومؤسّسات تجارية عدّة، وبشبكات المياه والكهرباء والاشتراك التابعة للبلدية، وبجامع البلدة وحسينيتها وروضة شهداء المقاومة فيها. كما طاولت الممارسات الهمجية الملاعب الرياضية الثلاثة والمُصنّفة ضمن المراكز الأولى في لبنان، النادي الثقافي، محطات تكرير المياه، بيت المونة، مصنع الألبان والأجبان وآلاته، ومدرسة البلدة التي كانت قيد الترميم بهبة من اليونسيف.

ولحقت الأضرار بالحقول الزراعية ولا سيّما حقول الزيتون والقمح، وبآلاف الأشجار، وبالمحمية بعد تعرّضها لحرائق عدّة.

وأوضح فضل الله أنّ عملية مسح الأضرار اقتصرت على الأمكنة التي استطاعت اللجان البلدية الوصول اليها، لأنّ البلدة لا تزال مهدّدة من قبل العدو، وتبيّن أنّها تجاوزت حتى الآن مليون و250 الف دولار.

وِفق آخر إحصاء صادر في العام 2016، بلغ عدد سكّان عيناثا 12الف و700 نسمة، وقد عمل أغلبهم في المجال الزراعي، لا سيّما في فلسطين قبل احتلالها، وكذلك في المجال التجاري بعدما دفع نأي الدولة بنفسها عن المناطق الحدودية، بكثيرين منهم في مطلع الخمسينات، للسفر إلى السعودية والكويت، أو الهجرة إلى كلّ أصقاع الارض، ولا سيّما إلى اميركا وكندا وأوروبا وأستراليا، لمساندة أهاليهم في البلدة ودعم بلديّتها، كما أوضح فضل الله، مشيراً إلى أنّ أبناء عيناثا الذين نزحوا عنها بفِعل العدوان إلى مناطق أكثر أمناً، واجهوا كسائر أبناء البلدات الحدودية، الإحتلالين العثماني والإسرائيلي، وبينهما ممارسات الإنتداب الفرنسي التي تسبّبت بهجرة قسم كبير منهم إلى منطقتي الجولان ودرعا السوريتين قبل أن يعودوا منها بعد الأحداث السورية سنة 2013 .

وذكّر فضل الله بأنّ البلدية، ومنذ انطلاق معركة إسناد غزة، قد شكّلت خلية أزمة بالتعاون مع المجتمع المحلي، لتسيير شؤون النازحين، وعلى عاتقها مدّت يد العون لجميع الذين تهجّروا من بلدتهم خلال 66 يوماً من أيام العدوان، بحيث فاق مجموع ما قدّمته من مساهمات مالية واستشفائية وصحّية خلال هذه المدّة 250 ألف دولار.

وإذ سجّل رئيس البلدية غياباً تاماً للدولة خلال عملية فتح الطرقات ورفع جثامين الشهداء من تحت الأنقاض، وأقلّه في توفير الحدّ الأدنى من الخدمات للأهالي، دعا السلطة السياسية إلى احتضان هذه البلدة وعدم إشاحة وجهها عن أهلها، والقيام بواجباتها تجاههم.

وأوضح أنّ البلدية “تجري مروحة اتصالات مع جميع الجهات المعنية والمؤسسات المانحة لمساعدة البلدة وأهلها على محو آثار العدوان فيها تمهيداً لإعادة وجهها الجميل، وجعلها حاضرة جبل عامل، بلدة العلماء والشهداء والشعراء”.

وعلّق آمالاً كبيرة على “أهلنا أشرف الناس، سواء المقيمين الصابرين أو المغتربين، جناحنا الثاني الذي نجده دائماً سنداً لأهلنا، يقدّمون يد العون لمساعدتهم على مواجهة التحديات واجتياز الصعاب”.

أخيراً، أبدى فضل الله اعتقاده بأنّ “طائر الفينيق أصله جنوبي، على اعتبار أنّه كلّما تعرّض الجنوبيون للعدوان والضرر والتهديم ينهضون من تحت الركام والرماد للتحليق مُجدّداً، لأنّهم أصحاب حقّ وأصحاب هذه الأرض ومتجذّرون فيها منذ مئات السنين”.

 

خاص ـ المدى

Leave A Reply