كتبت الإعلامية وفاء بيضون في ” اللواء “
شكّلت خطوة تسليم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» القيادة العامة لمركزيها في سلسلة لبنان الشرقية، وتحديدا قاعدة حشمش ودير الغزال والسلطان يعقوب في وادي قوسايا ومن ثم مركز الجبهة في منطقة الناعمة لا سيما قاعدة النفق الذي مضى على اشغاله من قبل القيادة العامة أكثر من خمسين سنة، شكّل تقدّما لافتا يمكن من خلاله قراءة المرحلة المقبلة وخاصة ملف سلاح المخيمات الفلسطينية المنتشرة في أكثر من منطقة لبنانية.
مصادر وثيقة بملف السلاح الفلسطيني قالت ان الاجراءات الأخيرة المتعلقة بتسلّم الجيش اللبناني لمراكز الجبهة الشعبية القيادة العامة والسلاح الثقيل من قواعده يأتي في إطار اتفاق مسبوق بين قيادة الجيش والجهة الشعبية على خلفية تطورات المشهدين السوري واللبناني. إلّا ان ذلك من شأنه أن يطرح العديد من التساؤلات حول التوقيت الذي لا ينفصل عن تداعيات العدوان الإسرائيلي على لبنان وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
وتضيف المصادر ان نقاشا مستفيضا حصل في الآونة الأخيرة داخل الغرف السياسية اللبنانية والفلسطينية أنتج عدة تساؤلات حول تداعيات الحدثين على اللاجئين الفلسطينيين ومصير السلاح الذي تحتفظ به بعض القوى السياسية داخل المخيمات، وخارجها، متساءلة عن بلوغ الوقت والفرصة المتاحة لتسليمه وفق نضوج القرار اللبناني بإنهاء هذا الملف الذي أُثير أكثر من مرة على المستويين الداخلي والخارجي.
المصادر نفسها ربطت بين تطورات المشهد السوري وانعكاسه على لبنان فيما خص الوجود الفلسطيني المسلح خارج إطار المخيمات فكشفت عن طلب «إدارة العمليات العسكرية للمعارضة السورية» من كل القوى والتنظيمات الفلسطينية إقفال المراكز والقواعد والمعسكرات، بعدما قدمت لهم تطمينات بعدم التعرّض لهم في مسعى شاركت فيه «حركة حماس» يفضي الى النتائج المطلوبة على هذا الصعيد وافقت عليه الفصائل الفلسطينية مع تأكيدها أن ما يجري هو شأن سوري داخلي وهي تقف إلى جانب الشعب السوري في خياراته حول سوريا المستقبل.
وفيما خص لبنان تقول المصادر إن تتابع الحدثين في لبنان وسوريا جعل السلاح الفلسطيني متداخلا ومعقّدا داخل وخارج المخيمات.
من هنا تأتي خطوة تسلّم الجيش اللبناني لقواعد فلسطينية في البقاع الأوسط وجنوب مدينة بيروت متلازما مع التطوّر المُبنى عليه بوادر المرحلة القادمة ولا سيما ان السلاح الفلسطيني في لبنان كان ولا زال مدار نقاش داخل المجتمع السياسي اللبناني، إلّا ان تطورات المنطقة بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، ومحاولة البعض استثمار النتائج باتجاه تحريك هذا الملف يطرح العديد من الأسئلة:
أولا: هل ما تم في قوسايا وحارة الناعمة هو إجراء إجباري قام به الجيش أم طوعي بادرت إليه الجبهة الشعبية – القيادة العامة وفتح الانتفاضة؟
ثانيا: هل سينسحب هذا الإجراء على باقي الفصائل الفلسطينية المسلحة وخاصة الإسلامية منها كحركة حماس والجهاد الإسلامي؟
من هنا ترى المصادر المتابعة ان ما ينسحب على السلاح خارج المخيمات قد يصطدم بما هو موجود داخلها لا سيما في تفسير الكثيرين للقرار 1701 جنوب الليطاني بمندرجاته كافة وسط تأكيد من القوى الفلسطينية عدم تبلّغها بأي قرار رسمي لبناني بشأن مصير السلاح الفلسطيني في المخيمات، سواء جنوب أو شمال نهر الليطاني، فيما ترى مصادر أخرى ان ما ينطبق على بعض المراكز التي تسلّمها الجيش اللبناني لا ينطبق على سلاح المخيمات خاصة ما تم الاتفاق عليه سابقا بين الفصائل حول تنظيمه باعتباره سلاح مقاومة ضد الكيان الإسرائيلي، ومرتبطا بالمقاومة اللبنانية وبحلّ القضية الفلسطينية وعدم تصفيتها استنادا الى ما يحصل في غزة من جهة وما يعرف بصفقة ترامب من جهة ثانية.
في النتيجة يبدو ان المشهد الإقليمي بدأ يشي بمؤشرات مستقبلية على وقع المتغيّرات إلّا ان حسم النتائج حول كل الملفات لا يمكن التكهن به في الفترة الحالية إذ وجب كما يقول بعض العارفين أن ننتظر لنبني على الشيء مقتضى أي تدبير أو إجراء من هذا النوع.