“ميني مافيا” توصيف حقيقي للمجتمع اللبناني الطائفي
غسان همداني
عرضت قناة الجديد يوم السبت في 4/ 1/ 2025 برنامج ” ميني مافيا” من تقديم كارين سلامة، استضافت فيه عدداً من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سبعة سنوات وأحد عشرة سنة، وهم من طوائف مختلفة، وينتمي ثلاثة منهم إلى أحزاب طائفية ومشترك واحد لا علاقة له بالأحزاب.
بعد عرض الحلقة ضجت مواقع التواصل بانتقادها، لآنها برأيهم استغلت الأطفال في السياسة، وخالفت المعايير الإنسانية، وحقوق الطفل، وشرعة حقوق الإنسان، وغيرها من الاتفاقيات والقوانين العالمية والمحلية، وهذا صحيح مائة في المائة ولا جدال فيه، علماً أن برامج أخرى كانت تستضيف أطفالاً في مواضيع عديدة بعضها خادش للحياء ولم تقم قيامة بعضاً من هؤلاء المنتقدين.
طبعاً، أتبنى معظم هذه الانتقادات، لكن فات المنتقدين الذين انتقدوا بالشكل هذه الحلقة، الإضاءة على ما تضمنته.
هذه الحلقة هي صورة مصغرة عن المجتمع اللبناني، هذا المجتمع الطائفي، المتقوقع ضمن طائفته، وينظر إلى الأخر نظرة دونية، ويقف موقفاً عدائياً نابعاً من تربية منزلية، وتعاليم دينية مشوهة، وتعبئة حزبية، وبالتالي فإن اللبنانيين لسان حالهم ” ما بيشبهونا”.
هذه الحلقة، أكدت المؤكد، أننا لا نعيش في وطن، بل في مزرعة طائفية، كل طائفة لها زعماؤها وأحزابها ومدارسها، والانتماء للطائفة وليس للوطن، وهو ما كرسته الطائفية السياسية التي تتعاطى مع المواطن على أساس طائفته وليس على أساس لبنانيته أو كفاءته.
بالأمس كشفت هذه الحلقة، الخداع والغش الذي يمارسه اللبنانيون فيما بينهم، وترداد للإسطوانة المشروخة، والنغمة الممجوجة، حول التعايش، والوحدة الوطنية، وغيرها من الشعارات الرنانة التي لا تجد لها مكاناً في مجتمع متباغض.
إن براءة الأطفال قالت بصراحة تامة ودن قفازات، ما يقوله اللبنانيون فيما بينهم، ويداريه السياسيون علناً ويروجون له سراً، ويمارسه معظم رجال الدين في خطبهم وعظاتهم، متناسين أن الأديان، كل الأديان تأمر بالمحبة، وأن ” الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق” كما يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
لم يبن اللبنانيون وطناً، ولن يبنوه إلا إذا تم إلغاء الطائفية السياسية، واعتماد الكفاءة والجدارة بغض النظر عن الطائفة في الوظيفة، حينها يصبح اللبنانيون عن حق متساوون أمام القانون كما ينص الدستور اللبناني.