رندلى جبور- خاص “المدى”
انفجار مرفأ بيروت. الحدث الأكثر صخباً وضجيجاً ووجعاً وضخامة في العام 2020. انفجار هو الأكبر في تاريخ لبنان والثالث من نوعه في العالم. مستودع لنيترات الأمونيوم الذي لا زالت كل الأجوبة حوله غامضة كان السبب المباشر لولادة “نكبة بيروت” المدويّة في الرابع من آب 2020، والتي أدّت إلى سقوط أكثر من مئتي شهيد وستة آلاف جريح وثلاثمئة ألف عائلة متضررة ودمار هائل وجرح لن يندمل.
بيروت أصبحت في ذاك ال2020 البشع “مدينة منكوبة” وأعلنت فيها حالة الطوارئ، وأحالت حكومة حسان دياب ملف التفجير على القضاء العدلي واستقالت أمام هول الكارثة. وكانت أولى الخطوات القضائية بعد الانفجار بغضّ النظر عن صوابيتها الكاملة، توقيف 25 شخصاً أبرزهم مدير المرفأ حسن قريطم ومدير الجمارك الحالي بدري ضاهر والسابق شفيق مرعي. وبعد تعيينه محققاً عدلياً أصدر القاضي فادي صوّان مذكرات توقيف وجاهية بحق قريطم وضاهر ومدير عام النقل البحري عبد الحفيظ القيسي ورئيس المرفأ محمد المولى ومسؤول المخابرات بالمرفأ أنطوان سلّوم والرائد في أمن الدولة جوزف النداف الذي ربما كان أكثر من تابع ونبّه من الخطر بالاضافة إلى الرائد في الامن العام شربل فواز. وبعدما أرسل إلى مجلس النواب كتاباً لاتخاذ ما يراه مناسباً في شأن مسؤولية حوالى عشرة وزراء وأربعة رؤساء حكومات في تفجير المرفأ، عاد صوان وادعى استنسابياً على رئيس حكومة وحيد هو حسان دياب الذي هو آخر العنقود والأقل مسؤولية عن إهمال مستمر منذ ست سنوات، وعلى الوزراء يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، الذين طلبوا نقل الدعوى من عهدة صوان بسبب “الارتياب المشروع”، وهو ما جمّد التحقيقات الآن في ملف جريمة العصر التي بلغ عدد المدعى عليهم فيها 33، كان آخرهم عضو المجلس الأعلى للجمارك هاني الحاج شحادة ومدير إقليم بيروت في الجمارك بالإنابة سابقاً موسى هزيمة.
وفي انتظار البت بمصير صوّان، تبقى حاجة اللبنانيين إلى الحقيقة الكاملة، لا ما يتعلق فقط بالمسؤولية المعنوية والسياسية بل أيضاً بأساس الجرم وخصوصاً لناحية من أدخل النيترات ومن أفرغها ولماذا ومن قام بتهريب كميات منها وإلى اين وما الذي أدى إلى هذا الانفجار الأشبه بالنووي، مع تحقيق العدالة لناحية محاكمة المسؤولين الحقيقيين جميعهم كائناً من كانوا، وإنصاف من حاولوا لفت النظر إلى الخطر والتحرك من دون أن يجيبهم أحد في الوقت المناسب.
وكان انعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان بعد النكبة بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحضور ست وثلاثين دولة وكانت المحصلة الاولية 252 مليون يورو كمساعدات مباشرة. المساعدات التي أتت إلى لبنان من مختلف الدول كثيرة وخصوصاً المستشفيات الميدانية والغذاء والحاجات الملحة والمباشرة لأهالي بيروت الذي هبّت عليهم موجة من الجمعيات منها للمساعدة ومنها لممارسة الاحتيال مستغلة الأزمة. ومن أبرز الاحزاب التي تحرّكت لمساعدة المنكوبين كان التيار الوطني الحر الذي خلق فريق استجابة وأوجد عيادة مركزية وأخرى نقالة مجانية وحاول بما استطاع الوقوف إلى جانب المتضررين إن من خلال الميدان أو من خلال القوانين.
وكان تلا انفجار المرفأ جريمة قتل العقيد المتقاعد في الجمارك منير أبو رجيلي في قرطبا وأيضاً قتل المصوّر جو بجاني في الكحالة، وفيما ربطت بعض التحاليل هاتين الجريمتين بملف المرفأ، تشير كل المعطيات الأمنية والقضائية أن لا علاقة لهما بالمرفأ.
لم تكن هذه الاحداث الأمنية الوحيدة في العام 2020، بل كان لجريمة كفتون- الكورة التي قتلت فيها مجموعة إرهابية شاباً وشرطيين بلديين وَقْع كبير، وخصوصاً مع تبيان تفرعات ومخططات لهذه الخلية التي تبين أنها تابعة لداعش، وأدت ايضاً إلى استشهاد أربعة عسكريين خلال دهم أحد منازل الخلية في جبل البداوي قبل أن يتمكن الجيش من قتل الارهابي خالد التلاوي المتورط بجريمة كفتون وقتل العسكريين. وارتباطاً بخلية كفتون كذلك حصلت اشتباكات بين الجيش والقوى الامنية من جهة وبين الارهابيين من أخرى في وادي خالد انتهت بمقتل أكثر من عشرة منهم، فعاد أفراد منهم وقتلوا عسكريين على حاجز في محلة عرمان المنية.
المنية ختمت عامها الأمني كذلك بحرق مخيم النازحين السوريين في بحنّين على خلفية إشكال فردي. وشهد العام أيضاً جريمة في بشري بحيث قتل لبناني على يد سوري وقيل أيضاً أن الأسباب شخصية.
وفي ال2020 استشهد الرائد في قوى الامن الداخلي جلال شريف وهو آمر فصيلة الأوزاعي على يد شقيق أحد الموقوفين، وخلال العملية تم تهريب 25 سجيناً. هذا واستشهد ثلاثة عسكريين في كمين في الهرمل خلال مطاردة مطلوبين.
وفي خلدة وقعت اشتباكات بين عشائر العرب وأهالي المنطقة أدت إلى سقوط قتيلين وعشرة جرحى، وفي الطريق الجديدة اشتباكات أخوية بين مناصري سعد الحريري ومناصري بهاء استخدمت خلالها قذائف أر بي جي وسقط قتيل.
أما في سن الفيل، فمحاولة قواتية لاقتحام مقر التيار الوطني الحر مع استعراضات واستفزازات وشتائم ورمي حجارة وأوقف المحاولة تدخل القوى الامنية والجيش بإطلاق النار في الهواء وتطويق الحادث.
أما في عين قانا فقد انفجر مخزن لذخائر ومخلفات حرب تموز في بلدة عين قانا في إقليم التفاح، ولم تخلُ السنة طبعاً من توترات مع إسرائيل التي سجّلت أعلى مستوى للخروقات الجوية للسيادة اللبنانية، وخلقت توتراً من طرف واحد في الجنوب وأطلقت النيران على كفرشوبا والهبارية ومحيط مزارع شبعا في حين نفى حزب الله حصول أي عملية له وأكد لا لا اشتباك بل اختلاق أحداث من طرف واحد.
ويبقى الأمل في أن تخف الدماء والمعارك والاشتباكات والكوارث في لبنان والعالم لأننا بتنا بحاجة حقيقية إلى السلام.