الجمعة, يناير 10
Banner

أبعد من إنتخاب جوزيف عون رئيساً

يوم التاسع من كانون الثاني يمكن أن يكون محطة مفصلية مهمة في مسار الإصلاح، وإعادة بناء الدولة والمؤسسات، وإنقاذ الوضع الإقتصادي والمعيشي من تداعيات الإنهيار المالي ودوامة الفساد التي أوصلت البلاد والعباد إلى الإفلاس وبئس المصير.

ما حصل في مجلس النواب يتجاوز العملية الإنتخابية النمطية لإنتخاب رئيس الجمهورية، بعد سنتين وشهرين من الشغور المعيب في المنصب الدستوري الأول في الجمهورية. والإقتراع لم يكن لقائد الجيش بشخصه فقط، بقدر ما كان تصويتاً للمبادئ والخيارات التي أوردها الرئيس المنتخب في خطاب القسم، والتي صحَّحت الإنحرافات التي شابت خروج الدولة عن المسار العربي، ووقوفها في صف أعداء الأشقاء العرب، فضلاً عن تخلِّيها عن دور السلطة الشرعية، وسفك هيبتها في صراعات وحسابات داخلية كيدية، أودت بما تبقَّى من رصيد العهد السابق.

كلام الرئيس الجديد لم يكن موجهاً إلى النواب فقط، بقدر ما كان معنياً بإرسال مجموعة من الرسائل للداخل والخارج، حول التوجهات الرئيسية للعهد الجديد، والتي تختلف جذرياً عن الأداء والممارسات الفاسدة للمنظومة السياسية الفاشلة، التي تركت البلد يتخبط في خضم الأزمات المالية والإقتصادية، والمشاكل الإجتماعية والمعيشية، وتجاهل مضاعفات عملية السرقة المنظمة لودائع الناس، والتي أدت إلى إفقار الأكثرية الساحقة من اللبنانيين.

لقد وضع جوزاف عون أصابعه على مجموعة من الجراح دفعة واحدة، قارعاً جرس الإنذار للمنظومة السياسية الحالية، وذلك بدءاً من أن البلد يعاني من أزمة حكم وحكام، وصولاً إلى العمل على حفظ حق الدولة في إحتكار حمل السلاح، وتكريس دور الجيش في الدفاع عن الوطن، وتولّي إخراج العدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية.

وما ورد من تفاصيل في الإصلاحات القضائية، يرسم سبيلاً واضحاً للوصول إلى تحقيق إستقلالية القضاء فعلاً لا قولاً، على قاعدة قطع الطريق على المداخلات السياسية، وإعتماد مبادئ النزاهة والكفاءة في مناقلات القضاة، وتفعيل التفتيش القضائي ليقوم بالمهام المنوطة به.

القاسم المشترك بين مفاصل «العهود ــ الوعود» التي وردت في خطاب القسم، يمكن إختصاره في التعهد بتعزيز مفهوم دولة المؤسسات، والحرص على تطبيق الدستور والقانون، ووضع جميع اللبنانيين تحت سقف القانون، بعيداً عن التدخلات السياسية والعنتريات الحزبية.

الرئيس العماد جوزاف عون يطمح بأن يكون فؤاد شهاب الثاني، في حرصه على تعزيز دولة المؤسسات، والقضاء على «أكلة الجبنة» من السياسيين الفاسدين.

الطريق صعبة، والتحديات كبيرة، ولكن آمال اللبنانيين تبقى بمستوى إنجازات هذا البرنامج الإصلاحي الطموح.

صلاح سلام

Leave A Reply