الإثنين, يناير 13
Banner

رجعت المملكة… والدعم على الطريق

أمّا وقد أعلن رئيس البلاد العماد جوزاف عون أن أول زيارة خارجية له ستكون وجهتها المملكة العربية السعودية، فهذا يدفع إلى تأكيد ما بات واضحاً: السعودية رجعت إلى لبنان.

هذه العودة التي تمّت من الباب الأمامي (سياسي)، عقب خروج طهران من الباب الخلفي (أمني)، سوف تتدرّج في التطوّر السريع وصولاً إلى عودة العلاقات إلى طبيعتها المميزة، التي لطالما كانت قائمة بين لبنان والمملكة، وتعود جذورها إلى ما قبل الاستقلال، حين افتتح الملك المؤسّس عبد العزيز آل سعود حقبة التعاون مع اللبنانيين، واستعان بخبراتهم العلمية والفكرية والاقتصادية لترسيخ بناء الدولة السعودية. وترك هؤلاء بصمات واضحة في ثنايا المملكة، تمّ البناء عليها لتطوير وتعميق العلاقات الثنائية، بعدما جرى افتتاحها رسمياً في العام 1952، عقب الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية آنذاك، كميل شمعون إلى السعودية على رأس وفد رفيع.

لا شك في أن ملامح عودة العلاقات اللبنانية السعودية إلى مجاريها، بعد سنوات عجاف، مرّت فيها العلاقات بمطبات وصولاً إلى حدّ دعوة مواطنيها إلى مغادرة لبنان وعدم السفر اليه، (9 تشرين الثاني 2017)، سوف تتبلور أكثر عقب الزيارة التي سيقوم بها الرئيس اللبناني إلى المملكة.

وإذا كان خبر عودة السعودية، ومعها كل دول الخليج العربي، قد أثلجت قلوب اللبنانيين عموماً، لأنهم يرون في ذلك إشارة إضافية إلى احتمال إحياء زمن البحبوحة والانتعاش الاقتصادي، فإن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل لبناني حالياً يتعلق بكيفية الانتقال من العودة السياسية التي أُنجزت تقريباً، إلى التطبيع المالي والاقتصادي الذي ينبغي أن يكون بمثابة ترجمة حتمية للعودة السياسية؟

من خلال المعطيات والمواقف المعلنة، يبدو أن خارطة الطريق لإعادة تفعيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين سوف تبدأ من خلال ثلاثة مسالك أساسية :

مسلك أول- إحياء عمل اللجنة اللبنانية السعودية المشتركة. هذه اللجنة سبق وأعدّت 22 اتفاقية جاهزة للتوقيع، ستكون باكورة التعاون الثنائي. هذه الاتفاقيات تشمل مروحة واسعة من القطاعات الاقتصادية، وهي كفيلة بإعطاء دعم سريع وفعّال للاقتصاد اللبناني. ولذلك، من المرجّح أن تتمّ زيارة رئيس الجمهورية إلى الرياض بعد تشكيل حكومة العهد الأولى، بحيث يستطيع أن يصطحب معه الوزراء المعنيين بالقطاعات التي تشملها هذه الاتفاقيات التي تنتظر التوقيع، منذ حوالى عشر سنوات.

مسلك ثانٍ- مشاركة السعودية بفعالية في مؤتمر دولي دعم لبنان لإعادة الإعمار وتنفيذ خطة التعافي للخروج من الانهيار المالي الذي حصل منذ أواخر العام 2019. ومن المرجّح أن تحتفظ باريس بدورها التقليدي في الدعوة إلى انعقاد مثل هذا المؤتمر في العاصمة الفرنسية.

مسلك ثالث- مساعدات سعودية مباشرة لبعض المرافق الحياتية والإنسانية، بالإضافة إلى احتمال إيداع وديعة في مصرف لبنان في إطار دعم الاحتياطي، في حال تمّ استخدام الدولارات الموجودة حالياً في المركزي لتنفيذ خطة حل أزمة الودائع ضمن خطة التعافي الشاملة.

أخيراً، وفي موازاة هذه المسالك، ستأخذ الاستثمارات طريقها إلى عودة هادئة وتدريجية، وفق مناخ السوق، وما ستفرزه المرحلة المقبلة من فرص استثمارية ترتبط بلبنان، وقد تمتد إلى دور لبنان في إعادة إعمار سوريا. ومن البديهي أن هذه العودة “الاقتصادية” لن تقتصر على السعودية، بل ستشمل كل دول الخليج العربي، وفي المقدمة الإمارات وقطر.

أنطوان فرح – نداء الوطن

Leave A Reply